ضوابط شرعية للألعاب الرياضية
بقلم/ أم تامر المصري – كاتبة كندية مصرية
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا الله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد رسول الله. من الخطأ أن يتوهم بعض الناس أن الرياضة لا علاقة لها بالدين ، فقد أمر سبحانه المؤمنين بالأخذ بكل أسباب القوة فقال :” وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ” سورة الأنفال من الآية 60 ، وقول الرسول (ص ) :(المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) رواه مسلم.
يتعلم الطفل من خلال اللعب كيف يبني علاقات اجتماعية مع الآخرين ، كما يتعلم بعض المعايير الخلقية كالعدل والصدق والأمانة وضبط النفس والروح الرياضية. فالرياضة الصحيحة ليس من شأنها إثارة الشحناء والبغضاء ، لا بين اللاعبين ولا بين المشاهدين. ومعرفتنا بمعاني الأخوة الإيمانية واعتصاما بمثل ما كان عليه رسول الله(ص) من شأنه أن يبصرنا بما يجب علينا في أقوالنا وفي أفعالنا ، وكيف يكون تعاملنا مع النفس ومع الخصم فى رياضتنا ، حال فوزنا ، أو خسارتنا.
وفى حديث رسول الله (ص) : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه. الرياضة فرصة عظيمة لإظهار شعائر الدين ، مثال ذلك : المحافظة على الصلاة حيث ينادى لها ، فلا يُسمح بإقامة المباريات وقت الصلاة ، ولا التخلف عن صلاة الجماعة بسبب مشاهدة الدورة الرياضية ، سواء أكانت عالمية ام محلية.فالشرع لابد أن يقود الدنيا ، والسلوكيات تأتى تابعة ومحكمة بما جاء فى كتاب الله وسنة رسوله (ص).
قال تعالى فى سورة النساء آية 103:”إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا” كما قال تعالى فى سورة الماعون آية 7-4 :”فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ،الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ،الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ،وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ” وفى سورة البقرة آية 238 :” حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ” فلا يجوز ترك الصلوات ودروس العلم وحقوق الإخوة والأهل والأولاد بسبب الرياضة أومشاهدة المبارات وخصوصاً كرة القدم !! يجب ألا نبغض الشخص ونعاديه لكونه يلعب لفريق غير فريقنا ، فلابد أن تكون الروح الإيمانية حاكمة على الروح الرياضية. ومن الرياضات النافعة تعلم ركوب الخيل ، قال رسول الله (ص) : “الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة” كما في صحيح البخاري ، هذا خيل الجهاد في نواصيها الخير إلى يوم القيامة لإعانتها على جهاد أعداء الدين. كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : (علموا أولادكم السباحة والرماية ، ومروهم على ظهور الخيل وثباً). فالسباحة من أهم الرياضيات وأنفعها في الحرب والسلم وللكبير والصغير.
ولا حرج في تعلم قيادة السيارات والطائرات وما شابه ذلك ولكن الحرج فى ترك دائرة الحلال والدخول بالنفس فى متاهة الحرام كما نرى فى أندية السباق وما يحدث فيها من قمار منهى عنه. أن سباق السيارات بالسرعات الجنونية التي تؤدي إلى الهلاك ، قال الله تعالى في سورة البقرة من الآية 195:”وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ” وقال سبحانه في سورة النساء الآية 29 :”وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا” ، وقول رسول الله (ص) :(لا ضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجه – يعنى أن الإنسان لا يجوزله أن يضر بنفسه ولا بغيره – كذلك الصيد من الرياضات النافعه سواء كانت عن طريق النبال والرماح والبندقية ، وينبغى للإنسان ان يذكر إسم الله على الآلة عند الرمى والضرب بها. فلا يصح صيد المحرم بالحج والعمرة ، كما لا يجوز الصيد بالحرم في مكة. أما صيد البحر فقد أحله الله جملة دون قيد: “أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ” سورة المائدة من الآيه 96.
ولابد من الحذر من إهلاك الحيوان دون فائدة لمجرد العبث واللعب والضحك ، (إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شيئًا فيه الرُّوحُ غَرَضًا) متفق عليه ، وذلك لما فيه من تعذيب الحيوان وإتلاف نفسه وإضاعه المال. إن الغرض من جميع الرياضات هو التقوى واكتساب القوة ، كما قال رسول الله (ص) :(المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) رواه مسلم. فالأخذ بأسباب القوة مشروع وترويع الأعداء مطلوب ، فمن دواعي إعداد القوة ما ذكره سبحانه في سورة الأنفال من الاية 60:”تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ”. نسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه وإلى الاعتصام بحبله ،اللهم أدخلنا الفردوس الأعلى بغير حساب ولا سابقه عذاب ، اللهم أصلح أحوال المسلمين وارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رَبِّ العَالَمِيِنَ
– اللهم آمين – وإلى اللقاء