في خضم أزمة الصواريخ الكوبية، كادت البشرية أن تشهد اندلاع حرب نووية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي عقب حادثة الغواصة السوفيتية بي 59 (B-59)
صورة تعبيرية لأرخيبوف
العربية.نت – طه عبد الناصر رمضان
خلال شهر أكتوبر 1962، عاش العالم على وقع أحداث أزمة الصواريخ الكوبية. فعقب محاولة فاشلة قادتها الولايات المتحدة الأميركية لإسقاط نظام فيدل كاسترو، شرعت حكومتا كوبا والاتحاد السوفيتي في بناء قواعد سرية بالجزيرة قادرة على حمل صواريخ متوسطة المدى مهددة بذلك الأراضي الأميركية التي أصبح معظمها في مرمى الصواريخ السوفيتية. وإضافة لحصار برلين أواخر الأربعينيات، جاءت أزمة الصواريخ الكوبية لتمثل تصعيداً خطيراً في خضم الحرب الباردة.
وفي خضم أزمة الصواريخ الكوبية، كادت البشرية أن تشهد اندلاع حرب نووية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي عقب حادثة الغواصة السوفيتية بي 59 (B-59).
صورة للغواصة بي 59 قرب كوبا
فمطلع شهر أكتوبر 1962، أبحرت الغواصة السوفيتية بي 59 من القاعدة العسكرية بشبه جزيرة كولا باتجاه بحر الكاريبي لدعم عملية تسليم الأسلحة السوفيتية لكوبا. ويوم 27 من نفس الشهر، تفطنت حاملة الطائرات الأميركية يو أس أس راندولف (USS Randolph)، المدعومة بنحو 11 مدمرة، لوجود الغواصة بي 59 قرب كوبا. وكرد على ذلك، اقتربت المدمرة يو أس أس بيل (USS Beale) من الغواصة السوفيتية وباشرت بإلقاء عدد من الحمولات المتفجرة أملاً في إجبارها على الصعود نحو السطح.
ولم تشكل هذه الحمولات المتفجرة أي تهديد على الغواصة بي 59، حيث انفجرت بعيداً عنها واعتُمدت فقط كطريقة للتواصل مع طاقمها لإجبارهم على مغادرة الأعماق والصعود للسطح بسبب غياب تقنيات اتصال بين المدمرة الأميركية والغواصة السوفيتية.
من جهتها، لجأت الغواصة السوفيتية بي 59 للغوص نحو عمق كبير، فتسبب في انقطاع إرسالات الراديو، لتجنب تحديد موقعها وإشاراتها من قبل الأميركيين. وبسبب ذلك، انقطع طاقم هذه الغواصة عن العالم لأيام لم يحصلوا خلالها على أية تعليمات أو إرشادات من موسكو.
ومع مشاهدته للحمولات المتفجرة، آمن كابتن الغواصة بي 59 فالنتين غريغوريفتش سافتسكي (Valentin Grigorievich Savitsky) باندلاع الحرب بين الأميركيين والسوفيت منذ أيام وتعرض غواصته لهجوم من قبل المدمرات الأميركية. وأمام هذا الوضع، أصدر الأخير أوامره لطاقم السفينة بتحميل طربيد نووي والاستعداد لإطلاقه صوب الأسطول الأميركي.
وتطلب استخدام مثل هذه المقذوفات النووية بالغواصة السوفيتية موافقة 3 من كبار المسؤولين العالميين بها. وبينما وافق سافتسكي على ذلك، رفض زميله، الذي حمل نفس الرتبة العسكرية مثله، فاسيلي أرخيبوف (Vasili Arkhipov) مهاجمة السفن الأميركية بطربيد نووي وتمكن من إقناع جميع العاملين على متن الغواصة بالصعود نحو السطح للحصول على تعليمات وأوامر مباشرة من موسكو.
صورة لفاسيلي أرخيبوف
وبفضل هذا القرار، جنّب فاسيلي أرخيبوف العالم أهوال حدث كان من الممكن أن يتحول لسبب مباشر لنشوب نزاع نووي بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي في خضم أزمة الصواريخ الكوبية. وبفضل مجهوداته، نال الأخير العديد من الترقيات بالسنوات التالية فعُين عام 1975 لواء بالبحرية قبل أن يحصل على رتبة نائب أميرال ويتكفل فيما بعد بمهمة إدارة أكاديمية كيروف البحرية.