انطلقت يوم السبت الماضي فعاليات مهرجان العالم العربي في مونتريال الذي يدوم أسبوعين إلى غاية 13 نوفمبر تشرين الثاني الجاري. حيث يمكن لروّاده حضور حفلات موسيقية وعروض وأفلام ومحاضرات.
وتنطلق النسخة الثالثة والعشرون من هذا الموعد الخريفي المونتريالي تحت راية الخروج من أزمة جائحة كوفيد-19.
واختار منظّمو مهرجان العالم العربي (نافذة جديدة) شعار ’’الجسد يقود السرد‘‘ في إشارة إلى ’’العودة الشهوانية للحياة‘‘، كما ذكرت ليلى محيوت، مديرة العلاقات العامة في المهرجان في مقابلة مع راديو كندا الدولي.
وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقتها أمام الجمهور الحاضر في قاعة ’’لو ناسيونال‘‘ (Le National) مساء السبت لمتابعة العرض الافتتاحي للمهرجان، تحدّثت ليلى محيوت عن مصدر إلهام برنامج هذه النسخة.
الجسد هو مصدر إلهام هذه النسخة من المهرجان حيث تتناوله بدون حدود. وتستكشف عروض الموسيقى والرقص والنقاشات والعروض السينمائية الجسور بين الغرب والشرق عبر الجسد.
ومن جهتها، أوضحت هندة بن صالح، مديرة البرمجة في المهرجان، لراديو كندا الدولي أن عام 2022 هو ’’عام إعادة بعث المهرجان.
دأنا ببرنامج خارج الموسم في مارس آذار الماضي مع عرض (Paroles de corps) الذي يدور حول الجسد. ونواصل في نفس الموضوع لبرمجة المهرجان بكلّ مكوّناته من العروض وصالون الثقافة وسينما، وكلّ النشاطات سواءً كانت مجانية أو مدفوعة.‘‘
وتمّت برمجة ثلاثة عروض مرتبطة بالجسم. وهذه العروض ليست بالجديدة، فقد تمّ تقديمها في نسخ سابقة من المهرجان .
عرض ’’حريم‘‘ (Harem) في 2005 وعرض ’’ممسُوسون‘‘ في 2006 وعرض ’’قبليات‘‘ في 2013. ’’كلّها إبداعات مبنية حول الجسد‘‘، كما أوضخت هندة بن صالح التي ترفض فكرة أنّ ’’السهولة تكون وراء اختيار تقديم هذه الإبداعات مرة ثانية.‘‘
لم تكن إعادة عرض هذه الإبداعات من باب السهولة على الإطلاق. إنّما هي معالجة العروض من زاوية مختلفة. وللمهرجان حوالي ثلاثين عرضاً منذ تأسيسه.
’’قَبَليّات‘‘ (Tribales)
افتُتح مهرجان العالم العربي هذا العام بعرض ’’قبليّات‘‘ (Tribales) الذي يعود إلى نسخة عام 2013 من هذا الحدث الثقافي.
وأوضحت هندة بن صالح أنّ ’’قبليات هو الجسد الجماعي المكوَّن من قبائل وموسيقى وتقاليد مختلفة‘‘.
ويجمع هذا العرض الموسيقي منير ترودي من تونس وأناند أفيرمد من منغوليا وفرقة ’’دو عود‘‘ (DuOud) المكوَّنة من مهدي حداب (الجزائر / فرنسا) وصمادج (تونس/ فرنسا).
وعُهد بالإخراج الموسيقي إلى الموسيقار والملحن التونسي محمد المصمودي المقيم في كندا.
وتطلّب العرض عدة أشهر من التنسيق عن بعد ونقاشات عبر تطبيق زوم. وشارك الفنانون في بروفات مكثّفة دامت ثلاثة أيام في مونتريال كانت ضرورية لإكمال مشروع عرض ’’قبليّات‘‘ في نسخته لعام 2022.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، قال عبد الحق بن مجباري، مدير إنتاج هذا العرض والمغني وعازف الغيتار في فرقة ’’غروز‘‘ (Grooz) : ’’كل فنّان يأتي مع خلفيته ويقدم موسيقاه و مؤلفاته. عندما التقى الفنانون كان علينا البحث عن هذه الطاقة وهذا التماسك الذي نجده في الفرق القائمة.‘‘
وبالإضافة إلى عمله كمنتج، سيغنّي عبد عبد الحق بن مجباري يوم 9 نوفمبر تشرين الثاني الجاري بمناسبة إصدار ألبومه الجديد ’’زربية‘‘ (Zarbia).
أرميل بيرينو وصديقته لورا غريغوار فرنسيان يعملان في مونتريال منذ بضعة أشهر. كانا حاضرين في ليلة افتتاح المهرجان.
ويقول أرميل بيرينو:’’أخبرنا أحد الأصدقاء عن وجود هذا المهرجان فأتينا.‘‘
ويضيف أن والديه كانا يستمعان إلى الموسيقى المغربية والتونسية والجزائرية. ’’كان والدي من محبي رشيد طه.‘‘
وتضيف لورا غريغوار أنّها جاءت ’’للاكتشاف.‘‘
وكانت الأمسية الافتتاحية فرصة لتكريم جوزيف نخله، المؤسس والمدير العام لهذا المهرجان الذي أُطلق في عام 2000.
وصعدت آن ماري جان، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمجلس الفنون والآداب في كيبيك، على المنصة لتقدّم له ’’وسام الفنون والآداب في كيبيك تكريماً للمسار المهني الاستثنائي لمؤسس مهرجان العالم العربي في مونتريال‘‘، كما قالت.
وأشارت إلى أن هذه الجائزة الرمزية تم إنشاؤها ’’للتأكيد على المساهمة الرائعة لشخصيات من خلفيات مختلفة في إثراء ثقافتنا بفضل عملهم ومواهبهم ورؤيتهم والتزامهم.‘‘
وفاز جوزيف نخلة بهذا الوسام مع دفعة 2021 ولكنّ بسبب جائحة كوفيد-19، لم يتمكّن مجلس الفنون والآداب في كيبيك من تنظيم حفل تقديم الأوسمة.
وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، أكد جوزيف نخله أنه ’’أمر يسعدني ويشرف فريق المهرجان بأكمله ولهذه المبادرة التي لها 23 عاماً من النضال المستمر لفرض وتطوير مساحة مخصصة لثقافة عربية تُنتج ولا تستهلك فقط.‘‘
وقال نخلة إنّ مهرجان العالم العربي في مونتريال يُعتبر ’’تقريباً نموذجاً مضادّاً لما يمثله معهد العالم العربي (IMA) في باريس.”
ما يفعله معهد العالم العربي [في باريس] جميل جدًا وهو ضروري لأوروبا وللعالم. لكنّ مبادرتنا [إنشاء مهرجان العالم العربي] لم تأت من مصالح جيوسياسية أي من أعلى، بل من أناس من الأسفل.
على الرغم من الصعوبات والترددات، ’’لم نفقد أبدًا الإيمان بأن مونتريال يجب ويمكن أن تستقبل مثل هذه الفضاء.‘‘