تناقشُ ندوةٌ تقدم بشكل افتراضي حالة الإسلاموفوبيا في كندا بعد ست سنوات على وقوع الهجوم المسلح على مسجد كيبيك الكبير التابع للمركز الثقافي الإسلامي في كيبيك عاصمة مقاطعة كيبيك.
يذكر أنه في 29 كانون الثاني / يناير 2017 أقدم ألكساندر بيسونيت على إطلاق النارعلى المصلين داخل المسجد، مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة آخرين بجروح.
يشارك في الندوة التي تقدم على الإنترنت اعتبارا من الساعة السابعة والنصف مساء غد الخميس، المهندس والمحامي المتقاعد وعضو مجلس إدارة ’’جمعية المحامين الكنديين المسلمين‘‘ (CMLA) الإمام حسن غيّة. والنائب الكندي الليبرالي السابق فرانك بايليس الذي ساهم مع النائبة في مجلس العموم الكندي إقراء خالد في إقرار البرلمان الكندي عام 2017 مذكرة غير ملزمة ضد الإسلاموفوبيا (نافذة جديدة)، تدعو إلى ’’الاعتراف بضرورة مواجهة مناخ الكراهية والخوف الذي يترسخ في اوساط المواطنين، والتنديد بالإسلاموفوبيا وكافة أشكال العنصرية والتمييز الديني الممنهجة.‘‘ يشارك في الندوة أيضا الأمين العام لـ ’’المجلس الوطني للكنديين المسلمين‘‘ ستيفن براون، وينشط المجلس في سبيل الدفاع عن حقوق الأقليات بشكل عام وحقوق المسلمين بشكل خاص. هذا وتدير الندوة العضوة في ’’جمعية المحامين الكنديين المسلمين‘‘ المحامية الشابة من أصل جزائري لينا بن سيدان.
محاور ثلاثة تخوض فيها الندوة يُبسطها الإمام غيّة في أسئلة ثلاثة: ’’كيف كانت حالة الإسلاموفوبيا عشية وقوع الهجوم الدامي في المسجد الكبير وما هو واقعها اليوم وأين علينا أن نكون في المستقبل في مجتمعنا الكندي؟‘‘
يوافق المتحدث على أن التشريعات الكندية تحمي حقوق جميع المواطنين وتناهض كل أشكال العنصرية والتمييز الممنهج، ومع ذلك فإن تطبيق القانون لا يحمي بالضرورة بعض الفئات في المجتمع التي تعاني من الإسلاموفوبيا أو معاداة السامية. يعتبر المحامي الكندي اللبناني المتقاعد ’’أن هناك فئات من المواطنين تتعرض بطريقة منهجية وغير منهجية لنوع من التمييز وبالتالي فإن هذه الفئات تحتاج لحماية أكبر.‘‘
يتذكر المتحدث أنه في الماضي ناضل ضحايا معاداة السامية في كندا من أجل الحصول على الحماية من قبل القانون والسلطة. ’’ونحن إذ نشعر اليوم، يقول الإمام غيّة، أن هنالك نوعا من عدم فهم لوجود المسلمين في هذا البلد، نطالب بأن يتم اعتبارنا من قبل الحكومات والمشرعين والمجتمع كمواطنين على قدم المساواة مع غيرنا من المواطنين الكنديين، لنا كما لغيرنا من حقوق وعلينا ما على غيرنا من واجبات.‘‘
وردا على سؤال عن تلك الحقوق التي يطالب بها المسلم، يجيب العضو في ’’طاولة التشاور بين الأديان’’ في كيبيك: ’’أكرر أن المسألة ليست مسألة نصوص، القانون لا يقول بأن التمييز ضد المسلم مسموح، هذا صحيح، والحكومة الكندية تحارب الإسلاموفوبيا، ولكن المسألة تتعلق بالممارسات. أعطي مثالا على ذلك تعامل وكالة الدخل الكندية مع بعض المؤسسات الإسلامية الذي يتسم بنوع من التمييز في مراجعة الملفات والتدقيق بها.‘‘
يذكر أن ’’الجمعية الإسلامية الكندية‘‘ كانت وصفت العام الماضي التدقيق المالي الذي تقوم به وزارة الدخل (مصلحة الضرائب) في أنشطة الجمعية بالـ ’’تمييزي‘‘.
في سياق متصل، كانت وكالة الدخل الكنديّة ألغت في العام 2018 صفة ’’مؤسسة غير ربحيّة‘‘ عن ’’المركز الإسلامي في أوتاوا‘‘. شارحة بأن السبب في ذلك هو أن المركز ’’لم يوظّف كلّ موارده لعمل الخير واستخدمها للترويج للكراهية وعدم التسامح.‘‘ كما أشارت الوكالة الفيدرالية إلى وجود مشاكل في الدفاتر الماليّة التابعة للمركز.
’’الإسلاموفوبيا في ثوب آخر‘‘
يعتبر الإمام غيّة أن الأمر الإيجابي اليوم هو ’’أن التجييش ضد الإسلام والمسلمين لم يعد جهاريا علنيا كما كان عليه فيما مضى.‘‘
’’في الماضي كانت تتحدث بعض محطات الراديو والجرائد وبعض السياسيين بكل اريحية ولا ينتبهون إلى ما يمكن أن يحدثه كلامهم في نفوس المواطنين الكنديين من كره وخوف من الإسلام.‘‘
’’عند وقوع جريمة مرتكبها مسلم في فرنسا أو أي مكان آخر، كان يتم وضع كافة المسلمين بمن فيهم المسلمون في كندا في سلة واحدة وتوجه أصابع الاتهام إليهم. وقد تراجع هذا الأمر كثيرا اليوم، وبدأ المواطنون الكنديون يرون أن المسلم الموجود في مونتريال أو في كيبيك ليس مسؤولا عما يحصل في أفغانستان أو في إيران مثلا.‘‘
يثمن الإمام غيّة في هذا الإطار جهود السياسيين الذين بدأوا يتعاملون مع الموضوع بحساسية كبيرة. ومع ذلك، ’’فإن هذا لم يمنع من أن تأخذ الإسلاموفوبيا ثوبا آخر.‘‘
في رأي الإمام غيّة يستمر وجود الإسلاموفوبيا في مقاطعة كيبيك ولكن بطريقة مبطنة.
’’تبرر حكومة حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك (CAQ) أنها في توجهاتها السياسية تسعى إلى الحفاظ على هوية كيبيك وثقافتها ولغتها الفرنسية.‘‘ ويصف الإمام غيّة ذلك بالسياسة الشعبوية التي تمارسها الحكومة في سعي منها للحصول على أصوات انتخابية. ’’وهكذا يتم تجييش النفوس بطريقة غير مباشرة ضد الأقليات وضد الأشخاص الذين لديهم لكنة عندما يتكلمون الفرنسية وضد الأشخاص الذين لديهم ممارسات دينية مختلفة وبالتالي هذا أمر خطير.‘‘
ويخلص المتحدث إلى القول: ’’لقد رأينا إلى أين أدت الشعبوية في الولايات المتحدة، ولا نريد أن يحصل هذا الأمر في كندا، لا أقول أنه سيحصل غدا ولكن إذا لم ننتبه فإنه قد يحصل. لذا علينا أن نكون حريصين على الحفاظ على هذه التعددية وعلى هذا الانفتاح وعلى هذه الصورة البراقة التي نعرفها عن كندا ولا نريدها أن تتغير.‘‘