بقلم د ياسرجعفر
مبديأ مامعني الراعي؟!
راعي: (اسم)
الجمع : رُعاةٌ ، و رُعيانٌ ، و رِعاءٌ
*الرَّاعِي : من يحفظُ الماشيةَ ويرعاها*
*الرَّاعِي: كلُّ من وَلِيَ أمرًا بالحِفظِ والسياسة، كالملك، والأَمير، والحاكم*
فاالراعي : كل من يتحمل مسؤلية اشخاص او قوم او دولة او امة او حيوانات ، فهي مسؤلية الامانة والتقصير في هذه الامانة يدخل صاحبها النار وتُحرم عليه الجنة!؟ فاالراعي تجده في رئيس الجمهورية، وتجده في الامير ، والملك ، ورئيس شركه، ورئيس جامعه ، ورئيس اسرة ، ورئيس مدرسه ٠٠٠الخ ، رسول الانسانيه صلي الله عليه وسلم،حذرنا من الإهمال في المسؤلية لانها امانه ففي الحديث النبوي الشريف (*ما مِنْ عبدٍ يسترْعيه اللهُ رعيَّةً ، يموتُ يومَ يموتُ ، وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ ، إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ*)
الراوي : معقل بن يسار | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 5740 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (7150)، ومسلم (142) واللفظ له
# وفي روايه:
(*ما مِن عَبْدٍ اسْتَرْعاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْها بنَصِيحَةٍ، إلَّا لَمْ يَجِدْ رائِحَةَ الجَنَّةِ*)
الراوي : معقل بن يسار | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 7150 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
التخريج : أخرجه البخاري (7150)، ومسلم (142)
ومن اكبر الشخصيات الذي يقع عليهم هذا الحديث بنسبه ٩٩/ هم الروساء والامراء والملوك ، لماذا !؟ لان المسؤبيه عندهم اكبر ونسبه الفساد بسببهم تكون اكبر ، ونسبه الانحلال والمعاصي تكون بسببهم اكبر ، لانهم يملكون القانون والسلطة هذا علي المستوي الدولي وينبغي علي هؤلاء الانتباه جيدا لهذه المسؤلية التي تحرم عليهم الجنة ، ويعملوا بأن الشعوب امانه عندهم واي فساد وظلم يقع علي الشعوب يكون بسببهم وينبغي علي هؤلاء الرعية علي مستوي العرب والمسلمين ان يتحدوا علي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لان هذا اساس قوتهم وطريق الجنة ، واتحاد هؤلاء الرؤساء قوة كبري في وجهه الاعداء واي خيانه بينهم تعرض صاحبها للخسران في الدنيا والآخرة وبعد ذالك تنتقل الرعية علي اصحاب المسؤليات والرعية للمؤسسات الصغيرة والكبيرة سواء بالمدارس او الجامعات او الشراكات الخاصه والعامه وعلي كل راعي في مكتبه ان يراعي ضميرة وان لايعطل مصالح العباد ، تَولِّي أمْرِ النَّاسِ والتَّأمُّرُ عليهم فيه تَكليفٌ بالقِيامِ بِمَصالِحِهم ورِعايَتِها بِحَسَبِ ما أَوْضَحه الشَّرعُ المُطهَّرُ، والإمارةُ ليْست تَرفُّعًا وتَجبُّرًا على النَّاسِ كما يَفعَلُ كَثِيرٌ مِن الأُمَراءِ الذين يَنْسَوْن حُقوقَ النَّاسِ، وتُصبِحُ الإمارةُ في نَظَرِهم مَغْنَمًا لهم ومَرْتعًا، فهؤلاء ستَكونُ الإمارةُ عليهم وَبالًا وخِزْيًا يومَ القيامةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ كلَّ أَحَدٍ جَعَلَه اللهُ تعالى راعيًا ومَسؤولًا على رَعِيَّةٍ مَهْمَا قلَّت، ويَشْمَلُ ذلك الأميرَ ولو على ثَلاثةِ نَفَرٍ، ويَشمَلُ كذلك الرَّجُلَ في بيتِه والمرأةَ في بيْتِها، فقصَّر في حَقِّ رَعِيَّتِه، ولم يَرْعَهَا ويَنصَحْ لها، فضَيَّعَ حُقوقَها الدِّينيَّةَ والدُّنيويَّةَ؛ فعُقوبتُه عند اللهِ شَديدةٌ، وهي: ألَّا يَشَمَّ رائحةَ الجنَّةِ التي تُشَمُّ مِن مَسافةِ سَبعينَ سَنَةً، كما عند أحمدَ، وفي روايةٍ عنده: مائة عامٍ، وهذا يدُلُّ على بُعدِه عنها وعدَمِ دُخولِه إيَّاها، وإنْ كان مِن أهلِ التوحيدِ فيَدخُلُها بأحدِ أسبابِ دُخولِها: كالتَّطهِيرِ بالعذابِ، أو المَغفرةِ، أو غَلَبَةِ الحَسَناتِ.
وفي الحَديثِ: بيانُ سُوءِ عاقِبَةِ مَن تولَّى أمورَ الناسِ ولم يَقُمْ بِحُقوقِهم
(أولًا: واجبات الولاة:)
((الواجب الأول: أداء الأمانات:))
﴿ *إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا* ﴾ [النساء: 58]. وجه الدلالة: الولاية العظمى من أعظم الأمانات المأمور بحفظها. قال السعدي رحمه الله: (الأمانات: كلُّ ما ائتمن عليه الإنسان وأُمِرَ بالقيام به. فأمر اللهُ عبادَه بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولًا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات، والأموال، والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلاَّ الله)
وقال ابن تيمية رحمه الله: (*قَالَ الْعُلَمَاءُ: نَزَلَتْ الآيَةُ فِي وُلاةِ الأُمُورِ؛ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ. وَإِذَا كَانَتْ الآيَةُ قَدْ أَوْجَبَتْ أَدَاءَ الأمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا وَالْحُكْمَ بِالْعَدْلِ؛ فَهَذَانِ جِمَاعُ السِّيَاسَةِ الْعَادِلَةِ، وَالْوِلايَةِ الصَّالِحَةِ*)
((الواجب الثاني: إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:))
إقامة الدِّين في الرعية، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر من أعظم حقوق الرعية على الولاة، وهذا هو الأصل الثاني الذي وُضِعَ من أجله المُلكُ والولاية، وهو حِفْظُ الدِّين الذي ارتضاه الله لعباده؛ وفي ذلك يقول سبحانه: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ [الحج: وجه الدلالة: ولاة الأمور مكَّنهم الله تعالى في الأرض بالسلطان؛ فيجب عليهم أن يُقيموا دينَ الله في الأرض؛ ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقوله تعالى: ﴿ *الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ* ﴾ (أي: مَلَّكناهم إيَّاها، وجعلناهم المُتسلِّطين عليها، من غيرِ مُنازِعٍ يُنازعهم، ولا مُعارِض)[5]. فيجب على ولاة الأمور أنْ يقيموا في رعيَّتهم شعيرةَ وفريضةَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ (وهذا يشمل كلَّ معروفٍ شرعًا وعقلًا؛ من حقوق الله، وحقوق الآدميين، وكلَّ مُنْكَرٍ شرعًا وعقلًا معروفٌ قُبْحُه، والأمرُ بالشيءِ والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتمُّ إلاَّ به)
((الواجب الثالث: تطبيق شرع الله، والحكم بما أنزل:))
من حقوق الرعية على الولاة أن يُقيموا فيهم شرع الله تعالى، ويحكموا بما أنزل الله تعالى، ويتركوا كلَّ ما خالف ذلك من القوانين الوضعية وغيرها، قال الله تعالى – لنبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿ *وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ* ﴾ [المائدة: 49]
قال السعدي رحمه الله: (*هذه الآية تدلُّ على أنه إذا حَكَم، فإنه يحكم بينهم بما أنزل الله من الكتاب والسُّنة، وهو القِسْطُ الذي تقدَّم أنَّ الله قال: ﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ* ﴾ [المائدة: 42]، ودلَّ هذا على بيان القِسْط، وأنَّ مادته هو ما شرعه الله من الأحكام، فإنها المشتملة على غاية العدل والقِسْط، وما خالف ذلك فهو جَورٌ وظلم)
((ثانيًا: حقوق الولاة))
ولاة الأُمور لهم حقوق على رعيَّتِهم، وجاءت هذه الحقوق منصوص عليها في كتب أهل السنة والجماعة، فقد قرَّروا أنَّ على المسلم السمع والطاعة لولاة الأمور إلاَّ أن يأمروا بمعصية؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقرَّروا أيضًا وجوب النصح والدعاء لولاة الأمور، وإعانتهم على الحق، وتحريم الخروج عليهم، سواء كانوا أئمة عدولًا صالحين أم كانوا من أئمة الجور والظلم، ما داموا لم يخرجوا عن دائرة الإسلام.
وقرَّروا أيضًا الصبر على جور الأئمة وظلمهم مع ما فيه من ضرر، فإنه أخف ضررًا من ضرر الخروج عليهم، وفيما يلي أهم حقوق الولاة على الرعية،
الحق الأول: السمع والطاعة، وعدم الخروج عليهم:
من أعظم الواجبات التي أمر الله بها عباده طاعة ولاة الأمور في المعروف؛ لأن جميع المصالح الدينية والدنيوية لا تقوم إلاَّ بذلك؛ كما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (*لا إسلامَ إلاَّ بجماعة، ولا جماعةَ إلاَّ بإمارة، ولا إمارةَ إلاَّ بطاعة*) قال ابن تيمية رحمه الله: (*طَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ؛ وَطَاعَةُ وُلاَةِ الأُمُورِ وَاجِبَةٌ لأمْرِ اللَّهِ بِطَاعَتِهِمْ، فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِطَاعَةِ وُلاةِ الأَمْرِ لِلَّهِ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. وَمَنْ كَانَ لاَ يُطِيعُهُمْ إلاَّ لِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْوِلاَيَةِ وَالْمَالِ، فَإِنْ أَعْطَوْهُ أَطَاعَهُمْ؛ وَإِنْ مَنَعُوهُ عَصَاهُمْ، فَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ*)
((*الأدلة: من أظهر الأدلة على لزوم طاعة ولاة الأمر في المعروف وترك الخروج عليهم*))
1- قوله تعالى: ﴿ *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا* ﴾ [النساء: 59]. وجاءت تأكيدات السلف الصالح من أهل السنة بأنَّ طاعة ولاة الأمور إنما تكون في المعروف، فلا طاعة لهم في معصية الله تعالى؛ فها هو ابن تيمية رحمه الله يصف مذهبَ السلف الصالح من أهل السنة بأنهم: (*لا يُوجِبون طاعةَ الإمام في كلِّ ما يأمر به، بل لا يُوجبون طاعته إلاَّ فيما تسوغ طاعته فيه في الشريعة، فلا يُجَوِّزون طاعته في معصية الله، وإنْ كان إمامًا عادلًا، وإذا أمرهم بطاعة الله فأطاعوه – مثل أن يأمرهم بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصدق، والعدل، والحج، والجهاد في سبيل الله – فهم في الحقيقة إنما أطاعوا الالله
وقال السعدي رحمه الله: (ولعلَّ هذا هو السِّرُّ في حذف الفِعْلِ عند الأمر بطاعتهم، وذِكْرِهِ مع طاعة الرسول، فإنَّ الرسول لا يأمر إلاَّ بطاعة الله، ومَنْ يُطِعْهُ فقد أطاع الله، وأمَّا أُولو الأمرِ فَشَرْطُ الأمرِ بطاعتهم ألاَّ يكون معصية.
ثم أمَرَ بِرَدِّ كلِّ ما تنازع الناسُ فيه؛ من أصول الدِّين وفروعِه إلى الله، وإلى رسوله، أي: إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله؛ فإنَّ فيهما الفَصْلَ في جميع المسائل الخلافية، إمَّا بصريحِهما أو عمومِهما، أو إيماءٍ، أو تنبيهٍ، أو مفهومٍ، أو عمومِ معنى يُقاس عليه ما أشبهه؛ لأنَّ كتابَ اللهِ وسُنَّةَ رسولِه عليهما بناءُ الدِّين، ولا يستقيم الإيمان إلاَّ بهما
2- عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: (السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ) قال النووي رحمه الله: (*قال العلماء: معناه: تجب طاعةُ ولاةِ الأمور فيما يشقُّ وتَكْرَهُه النفوس، وغيرِه ممَّا ليس بمعصية، فإنْ كانت لِمَعصيةٍ فلا سمع، ولا طاعة*)
3- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (*إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا*). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: (*تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ*) وفي لفظٍ: (*أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ*) قال النووي رحمه الله: (هذا من معجزات النبوة، وقد وقع هذا الإخبارُ مُتكرِّرًا، ووُجِدَ مَخْبَرُه مُتكرِّرًا، وفيه الحثُّ على السَّمع والطاعة، وإنْ كان المُتولِّي ظالمًا عَسُوفًا، فيُعْطَى حقَّه من الطاعة، ولا يُخْرَجْ عليه، ولا يُخْلَعْ، بل يُتَضَرَّع إلى الله تعالى في كشفِ أذاه، ودفْعِ شرِّه، وإصلاحِه)
4- عن عُبَادَةَ بنِ الصَّامتِ رضي الله عنه قال: (بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لاَ نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ*). وفي رواية: (*إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ*) (ومعنى الحديث: لا تنازعوا وُلاَةَ الأمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم، إلاَّ أنْ تَرَوا منهم مُنْكرًا مُحَقَّقًا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأَنْكِروه عليهم، وقولوا بالحقِّ حيث ما كنتم، وأمَّا الخروج عليهم وقتالُهم فحرامٌ بإجماع المسلمين؛ وإنْ كانوا فَسَقَةً ظالمين. وأجمع أهلُ السُّنة: أنه لا ينعزل السلطان بالفِسْقِ. قال العلماء: وسببُ عدمِ انعزاله وتحريمِ الخروجِ عليه: ما يترتَّب على ذلك من الفتن، وإراقة الدِّماء، وفسادِ ذات البين، فتكون المفسدةُ في عَزْلِهِ أكثرَ منها في بقائه)
(*فدل هذا كلُّه: على ترك الخروج على الأئمة، وألاَّ يُشَقَّ عصا المسلمين، وألاَّ يُتَسَبَّبَ إلى سفك الدماء وهتكِ الحريم، إلاَّ أنْ يكفُرَ الإمامُ، ويُظْهِرَ خِلافَ دعوةِ الإسلام، فلا طاعةَ لمخلوقٍ عليه*)
فاليعلم كل انسان مسؤل عن اي عمل سواء علي مستوي الفرد او الجماعه فهو راع ينبغي ان يتقي الله ، وعلي كل راع ان ان يكتب حديث الرسول ويضعه في مكتبة ليتذكر الحديث ومن الذي حرمت عليه رائحة الجنة ،قال النووي: (قَالَ الْعُلَمَاء: الرَّاعِي هُوَ الْحَافِظ الْمُؤْتَمَن، الْمُلْتَزِم صَلَاح مَا قَامَ عَلَيْهِ، وَمَا هُوَ تَحْت نَظَره، فَفِيهِ أَنَّ كُل مَنْ كَانَ تَحْت نَظَره شَيْء فَهُوَ مُطَالَب بِالْعَدْلِ فِيهِ، وَالْقِيَام بِمَصَالِحِهِ فِي دِينه وَدُنْيَاهُ وَمُتَعَلِّقَاته)
فَرِعَايَة الْإِمَام الْأَعْظَم حِيَاطَة الشَّرِيعَة، والحفاظ على الدين، وإِقَامَةِ الْحُدُود؛ ليأمن الناس على دينهم، وعقولهم، وأموالهم، وأعراضهم، وأنفسهم، وهكذا يقيم الْعَدْل فيهم، ويقسم بالسوية بينهم، وينصف المظلوم، هذه كلها حقوق وواجبات على الإمام لرعيته، وسوف يسأل عنها.
ويدخل تحت هذا مَنْ كَانَ تَحْت نَظَره رعية يرعاهم، فَهُوَ مُطَالَب بِالْعَدْلِ فِيهِم، وَالْقِيَام بِمَصَالِحِهِم وحقوقهم فِي دِينهم وَدُنْيَاهُم، فالعلماء رعاياهم الناس، يبلغوهم دين الله في صفائه ونقائه، والخطيب على منبره كذلك، والإمام في محرابه رعاياه المأمومون خلفه يحسن بهم الصلاة، ويعلمهم الدين، والمؤذن في مسجده مؤتمن في الأذان.
الضابط في القسم رعاياه الناس الذين تصل إليه خصومتهم وقضاياهم مسؤول عنهم، يفصل فيهم لا يحابي، لا يُجامل، ولا يُماطل، وهكذا القاضي في محكمته، يتقي الله في رعيته من المتحاكمين إليه، فالقضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحدٌ في الجنة، المحاكم تئن من الظلم الحاصل فيها، ألا فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
وهكذا الطبيب رعاياه المرضى، مسؤول عن أرواح الناس، لا يكلفهم فوق طاقتهم، ولا يصف لهم من الدواء إلا ما يناسبهم، وما يحتاجون إليه، والمدير والمدرس رعاياهما الطلاب من أبناء وبنات المسلمين، لا يعلمانهم إلا ما ينفعهم من أمور دنياهم، لا يفسدان عقائدهم وفطرهم، والتاجر والبقَّال رعاياهما الزبائن، لا يغشانهم، ولا يبيعان بثمن باهظ يكلفهم فوق طاقتهم، ولا يحتكران سلعًا يحتاجون إليها للإضرار بهم، ألا فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
وَرِعَايَة الرَّجُل أَهْله، سِيَاسَته لِأَمْرِهِمْ، وَإِيصَالهمْ حُقُوقهمْ من تعليمهم الدين بأمرهم بالصلاة، وصبره على ذلك؛ قال الله تعالى: ﴿ *وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا* ﴾ [طه: 132]، وقال الله تعالى: ﴿ *يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ* ﴾ [التحريم: 6]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((*مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ*))؛ رواه أبو داود عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، وهو كذلك مطالب بالعدل بينهم كما يعدل الإمام بين رعاياه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((*فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ*))؛ رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير، وهو مسؤول عن توفير ما يحتاجون إليه بحسب استطاعته؛ من مطعم، ومأكل، وملبس، فهم رعاياه، وهو مسؤول عن رعيته، وإن كان له أكثر من زوجة، فهن يدخلن في رعاياه، عليه أن يعلمهن أمر دينهن، ويعدل فيهن.
وَرِعَايَة الْمَرْأَة تَدْبِير أَمْر الْبَيْت، وَالْأَوْلَاد، وَالْخَدَم، وَالنَّصِيحَة لِلزَّوْجِ فِي كُلّ ذَلِكَ، وحفظ أولاده وتربيتهم، وحفظ مال زوجها، وحفظه في غيبته، وهكذا كل ما وُكل إليها من حقوق وواجبات.
وَرِعَايَة الْخَادِم حِفْظ مَا تَحْتَ يَده، وَالْقِيَام بِمَا يَجِب عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَته، ومنها الموظف أو المحاسب في مؤسسة أو شركة فعليه حفظ ما تحت يديه.
((*كُلُّكُمْ رَاعٍ))؛ ومما يدخل في هَذَا الْعُمُوم الْمُنْفَرِد الَّذِي لَا زَوْج لَهُ، وَلَا خَادِم، وَلَا وَلَد، فَإِنَّهُ يَصْدُق عَلَيْهِ أَنَّهُ رَاعٍ عَلَى جَوَارِحه حَتَّى يَعْمَل الْمَأْمُورَات، وَيَجْتَنِب الْمَنْهِيَّات فِعْلًا وَنُطْقًا وَاعْتِقَادًا، فَجَوَارِحه وَقُوَاهُ وَحَوَاسه رَعِيَّته؛ أي: إن جوارح الإنسان هي بمنزلة الرعية، وهو المسؤول عنها، وسوف يُسأل عن ذلك كله، والقرآن الكريم، والسنة المطهرة قد أوضحا ذلك؛ قال الله تعالى: ﴿ *وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا* ﴾ [الإسراء: 36]، وقال الله تعالى: ﴿ *يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* ﴾ [النور: 24]، وقال الله تعالى: ﴿ *الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* ﴾ [يس: 65]، وقال تعالى: ﴿ *وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* *وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* ﴾ [فصلت: 19: 21].
ومن الرعية التي العبد مسؤول عنها النعم التي خوَّله الله إيَّاها، فالنعم التي يُنعم الله بها على العبد، وهي لا تُعَدُّ ولا تُحصـى، أسبغ الله علينا نعمًا ظاهرة وباطنة، هذه النعم هي بمنزلة الرعية عند العبد، وهو مسؤول عنها، هل قام بشكر المنعم المتفضل بها وهو الله، وهل استعملها في مرضاة المنعم سبحانه وتعالى، هل عبده حق عبادته سبحانه وتعالى، ومن هذه النعم نعمة المال، والولد، والزوجة، والمسكن، والصحة (العافية) والأمن، ونعمة الجوارح السمع والبصـر وغيرها، فوجودها نعمة، وسلامتها نعمة أخرى، وهكذا نعمة المأكل، والمشـرب، والماء البارد، وغيرها، من أصغر نعمة إلى أكبر نعمة، نعم دينية ودنيوية، والقرآن الكريم، والسنة المطهرة قد أوضحا ذلك، في أن العبد سوف يسأل عنها: ﴿ *ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ* ﴾ [التكاثر: 8].
ومن النعم التي سوف نسأل عنها نعمة الشباب -وهي رعيةٌ استرعاها الله عندنا- وغيرها من النعم مما في حديث مُعَاذ بن جَبَل رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((*لا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟*))؛ رواه الطبراني.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: ((*وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ*))؛ رواه مسلم، وفي رواية عند الترمذي: ((*وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ: ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرُطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ*))
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((*إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ –يَعْنِي: العَبْد مِنَ النَّعِيمِ- أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، وَنُرْوِيَكَ مِنَ الْمَاءِ البَارِدِ*))؛ رواه الترمذي.
ومن النعم التي سوف نسأل عنها، ما جاء عند الترمذي عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((*مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا*))
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما، قَالا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((*يُؤْتَى بِالعَبْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا وَمَالًا وَوَلَدًا، وَسَخَّرْتُ لَكَ الأَنْعَامَ وَالحَرْثَ، وَتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ، فَكُنْتَ تَظُنُّ أَنَّكَ مُلاقِي يَوْمَكَ هَذَا؟ فَيَقُولُ: لا، فَيَقُولُ لَهُ: اليَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي*))؛ رواه الترمذي.
((*وَكُلُّكُمْ مسئول)) من قِبَل من؟ من قِبَل الله جل وعلا، الذي سوف يسأل كل راعٍ عما استرعاه من رعية صغرت أم كبرت؛ قال الله تعالى: ﴿ *فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ* ﴾ [الأعراف: 6-7]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ *فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين* ﴾ [الحجر: 92]، وقال جل وعلا: ﴿ *وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ* ﴾ [الصافات: 24].
كل مسلم وُكلت إليه مسؤولية؛ فعليه بالقيام بها تجاه من تحت نظره، ويوم القيامة إما أن يرفعه عدله وقيامه بالمسؤولية، أو يُخزيه ويهلكه جوره وظلمه إن هو فرَّط في المسؤولية، فيوم القيامة يعظم الأجر والثواب لمن قام بالمسؤولية، عَنْ عبدالله بْنِ عَمْرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((*إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا*))؛ رواه مسلم.
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((*سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ*))؛ رواه البخاري.