القاهرة – محمد مخلوف
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن دور كبير قدمته مصر، لإحداث الانفراج الكبير في المفاوضات غير المباشرة، بين إسرائيل وحركة حماس، للتوصل لصفقة تبادل أسرى.
وكشفت الصحف الإسرائيلية، أن القاهرة لعبت دورًا هامًا، ساهم كثيرًا في إخراج الصفقة إلى حيز التنفيذ وحلحلة نقاط الخلاف.
وحول الاختراق الكبير الذي حدث في المفاوضات وساهم في انجاحها والدور الذي قامت به مصر وكيف سيتم التعامل مع القضايا الخمس الرئيسية في اليوم التالي لوقف الحرب وأهم العقبات التي جرت خلال المفاوضات تحدث اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية في حديث خاص لـ “العربية.نت/الحدث.نت”.
الحقيقة الأولى : أن قطاع غزة يدخل ضمن الدائرة المباشرة والأولى للأمن القومى المصرى، ومن ثم فإن التحركات المصرية تجاه الأوضاع في القطاع تتسم بالجدية والمتابعة الحثيثة، وهنا من المهم أن أؤكد على أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان ولايزال يتابع بنفسه كافة تطورات المفاوضات ويتحرك على كافة المستويات الخارجية من أجل وضع حد لهذه الكارثة، وأعتقد أن مؤتمر القاهرة الدولي للسلام الذي عقد تحت رئاسة سيادته وحضره ممثلي 34 دولة في 21 أكتوبر 2023 أي بعد حوالي أسبوعين فقط من بدء الحرب الإسرائيلية على غزة يعد خير دليل على هذا الجهد الكبير لاسيما وأنه طرح خلال المؤتمر خريطة طريق متكاملة لحل أزمة غزة والقضية الفلسطينية ككل.
كيف جرت المفاوضات ؟
الحقيقة الثانية : أن مفاوضات الهدنة تعد عملية شاقة ومعقدة للغاية خاصة بالنسبة للوضع في قطاع غزة، وهو الأمر الذي تطلب بذل جهوداً مضنية من أجل التوصل إلى توافق على بنود الهدنة، ولابد أن نستذكر هنا أن الهدنة الأولى تمت في 24 نوفمبر 2023 أي منذ أكثر من 13 شهراً وللأسف لم تستغرق سوى بضعة أيام رغم ماتحقق فيها من تبادل أسرى ووقف مؤقت لإطلاق النار وإدخال كميات أكبر من المساعدات الإنسانية.
ماذا كانت الرؤية المصرية في المفاوضات؟
الحقيقة أن مصر هى أول دولة في العالم اقترحت رؤية شاملة ليس فقط للتوصل إلى الهدنة ولكن لحل مشكلة غزة برمتها، وقد استندت الرؤية المصرية على مبدأ المرحلية والتدرج إدراكاً منها بمدى تعقيد الموقف حيث تم طرح ثلاث مراحل للحل وأن يتم تنفيذ مجموعة من الخطوات في كل مرحلة بما يشمل وقف القتال وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات وصولاً إلى البدء فى إعادة الإعمار.
والحقيقة الأخرى التي يجب الانتباه لها أن المقترحات التي طرحها الرئيس بايدن في نهاية مايو 2024 وأصبحت تنسب إليه حتى الآن استندت بصفة أساسية على المقترحات المصرية وحظيت بموافقة إسرائيل وحماس، إلا أن إسرائيل قامت بإدخال بعض التعديلات المتكررة عليها خلال جولات التفاوض مما أدى إلى رفض الفصائل الفلسطينية الموافقة عليها، ومن ثم تم ضياع أكثر من عام في مفاوضات كانت تصطدم دائماً بموقف نيتانياهو، وبالتالي من الإنصاف أن أشير إلى أن التوصل إلى الهدنة الحالية تم بناءاً على الرؤية المصرية حتى مع بعض التعديلات المحدودة دون أن أنكر بالطبع الجهود الهامة التي قامت بها دولة قطر الشقيقة والولايات المتحدة.
ماذا عن التنسيق المصري القطري في الوصول للاتفاق ؟
الحقيقة : أن مصر تتمتع بخبرة غير مسبوقة في عملية التفاوض في مثل هذه الأزمات ولديها طاقم عمل محترف متفاني تعامل مع الحروب الإسرائيلية الستة السابقة على قطاع غزة – قبل الحرب الحالية – وكان لمصر الدور الرئيسي في وقف كافة هذه الحروب منذ أول حرب نشبت عام 2008 وحتى الحرب السادسة في مايو 2032 .
وأستطيع القول أن مصر لم تعارض مطلقاً قيام أية دولة بدور إيجابى يساهم في التوصل إلى الهدنة ولم تحاول في أي وقت أن تستأثر لنفسها بأي جهد، ومن ثم كان التنسيق المصري القطري الفاعل متواصلاً دون أية مشكلات حيث كانت الدولتان على قلب رجل واحد لوقف حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على القطاع وقد أثمرت هذه الجهود عن التوصل إلى الهدنة الحالية التي ينتظر أن يتم الإعلان عنها بين لحظة وأخرى.
ما أهم العقبات التي أخرت الوصول إلى اتفاق ؟
تمثلت أهم العقبات التى كانت تحول أمام التوصل إلى هدنة فى موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كان يتدخل بنفسه لإعاقة التوصل لإتفاق معارضاً موقف المؤسستين الأمنية والعسكرية وذلك تحسباً من تأثير الإتفاق على تماسك الإئتلاف الحاكم، حيث كان من الواضح تماماً أن الإئتلاف يمثل بالنسبة له أولوية على إنقاذ حياة الأسرى والدليل على ذلك عنف وكثافة القصف الإسرائيلي في كل مناطق القطاع دون إستثناء والذي أدى إلى مقتل العديد من الأسرى الإسرائيليين.