جنود البحرية الروسية يسيرون خلال عرض عسكري في ذكرى يوم النصر 9 مايو/أيار الماضي بالميدان الأحمر بوسط موسكو (رويترز)
قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) الأميركية إن روسيا -التي تسعى لأخذ زمام المبادرة في شرق أوكرانيا- وجدت نفسها مضطرة للبحث عن مقاتلين جدد من مناطق غير متوقعة، في وقت تدخل فيه الحرب مرحلة حاسمة.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن موسكو ظلت منذ بدء ما تسميها العملية العسكرية الخاصة تحاول مواصلة حربها بجيش من وقت السلم، غير أن النتائج كانت متفاوتة.
وعلى الرغم من أن القوات الروسية قد حققت مكاسب في شرق وجنوب أوكرنيا فإنها تكبدت خسائر فادحة في محاولتها الأولى للاستيلاء على العاصمة كييف تمثلت في فقدانها -وفق بعض الروايات- العديد من الجنود مثلما ما حدث للاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان.
تردد في إعلان الحرب
ومع ذلك تزعم الصحيفة الأميركية أن القيادة الروسية ظلت مترددة في إعلان الحرب، وهي الخطوة التي كان من شأنها السماح لها بإصدار أوامر بالتعبئة الكاملة للرجال في سن القتال.
ويرى محللون أن هذا من شأنه أن يربط مصير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل وثيق للغاية بما ستتمخض عنه الحرب من نتائج.
وعوضا عن ذلك اتخذت موسكو عددا من التدابير المؤقتة لتعزيز صفوفها التي استنفدت في المعارك بدءا من تقديم عقود مجزية قصيرة الأجل إلى السماح لمن هم فوق سن الـ40 بالالتحاق بالقوات المقاتلة، وهو ما يجعل من الممكن نشر عشرات آلاف آخرين من الجنود.
نقص المقاتلين
وتنقل الصحيفة في تقريرها عن فيليبس أوبراين أستاذ الدراسات الإستراتيجية في جامعة سانت أندروز في أسكتلندا قوله إن هناك مؤشرات واسعة النطاق تدل على أن الروس يواجهون مشاكل جمة في إيجاد هذا النوع من القوى العاملة المطلوبة دون الحاجة للذهاب إلى التعبئة العامة.
ويقول محللون إن القوات الأوكرانية المجهزة بشكل متزايد بأسلحة غربية وبمساعدة المخابرات الأميركية قتلت ما بين 10 آلاف و15 ألف جندي روسي، ومن المحتمل أن تكون أصابت كثيرين آخرين بجروح أبعدتهم من المعارك. الفيديو 02 minutes 19 seconds02:19
وبحسب التقرير، فقد جاء رد القادة الروس على ذلك بإبعاد القادة الرئيسيين من الميدان، فقد تم إيقاف الفريق سيرغي كيسيل قائد أول جيش دبابات الحرس لفشله في الاستيلاء على مدينة خاركيف.
وأفادت وزارة الدفاع البريطانية بأن نائب الأدميرال إيغور أوسيبوف قائد أسطول البحر الأسود الروسي أوقف عن العمل بعد غرق الطراد “موسكفا” في أبريل/نيسان الماضي.
أكبر الخسائر في كييف
وتكبدت القوات الروسية معظم خسائرها في هجومها الأول على كييف، والذي تمكن الأوكرانيون من صده في مارس/آذار الماضي.
وقال محللون إن الوحدات التي تلقت أفدح الخسائر سُحبت ويعاد تشكيلها الآن بجنود جدد أو بدمجها مع وحدات أخرى قبل إعادتها إلى أوكرانيا لمواصلة القتال في الشرق.
وقد ألقى ذلك على عاتق الكرملين عبئا للعثور على قوة بشرية جديدة، إذ شرع الجيش الروسي في إبرام عقود قصيرة الأجل لعدة أشهر في المرة الواحدة للمساعدة في ملء الشواغر بوحداته القتالية.
وبدأ ضباط التجنيد بإرسال طلبات إلى قدامى المحاربين للإبلاغ عن أماكن وجودهم في حال تم الإعلان عن تعبئة أوسع، وفقا لما ذكره الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن جاك واتلين.
زيادة كبيرة في الرواتب
في غضون ذلك، رفع الجيش الروسي الرواتب الشهرية للجنود المتعاقدين إلى ما يقارب 4 آلاف دولار شهريا (أي حوالي 4 أضعاف متوسط الراتب في روسيا)، بالإضافة إلى مكافآت نظير الطائرات والدبابات التي يتم تدميرها، ويمكن أن يستمر الجنود المتعاقدون لمدة لا تزيد على 3 أشهر.
وتشير “وول ستريت جورنال” إلى أن عدد أفراد القوات المسلحة الروسية يبلغ مليون جندي، حوالي 400 ألف منهم في القوات البرية.
ويعزو محللون بطء تقدم القوات الروسية إلى مجموعة متنوعة من العوامل، منها نقص المقاتلين القادرين على اختراق الخطوط الأوكرانية، واستعاضت القوات الروسية عن ذلك بالاعتماد على سلاح المدفعية لإضعاف الدفاعات الأوكرانية قبل التقدم، مما تسبب في إلحاق خسائر كبيرة في صفوف القوات الأوكرانية.
ونقلت الصحيفة في ختام تقريرها عن الباحث بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن بن باري القول “كلما أجبر الأوكرانيون الروس لفترة أطول على القتال في المدن المنتشرة في شرق أوكرانيا جعلوا الجنود الروس ينزفون”.
المصدر : وول ستريت جورنال