شكوى صينية إلى كندا عقب دعوات لسفير الصين بالاعتذار وإلّا لطردِه من قبل الحكومة
من إعداد فادي الهاروني
قالت الصين اليوم إنها قدّمت شكوى رسمية إلى كندا حول ما اعتبرته تغاضياً عن تعليقات معادية لها ظهرت في وسائل الإعلام الكندية عقب تصريح مثير للجدل أدلى به سفير الصين لدى كندا. وكان السفير الصيني كونغ بايوُو قد صرّح الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي افتراضي، عبر الإنترنت، أنه إذا ما منحت كندا حق اللجوء لمعارضين من أنصار الديمقراطية في هونغ كونغ ستعتبر الصين الإجراء الكندي تدخلاً في شؤونها الداخلية.
“إذا كان الجانب الكندي حريصاً على استقرار هونغ كونغ ورخائها ويحرص فعلاً على صحة الـ300.000 شخص من حملة جواز السفر الكندي في هونغ كونغ وسلامتهم وعلى العدد الكبير من الشركات الكندية العاملة في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، عليه دعم تلك الجهود الهادفة لمكافحة جرائم العنف”، قال كونغ في إشارة إلى مكافحة المتظاهرين في هونغ كونغ الذين تتهمهم الصين بارتكاب العنف. وعندما سُئل كونغ ما إذا كان كلامه يبلغ حدّ التهديد أجاب “هذا هو تفسيركم”.
ويوم السبت نشرت صحيفة “ذي تورونتو صن” ذات الاتجاه المحافظ مقالاً افتتاحياً دعت فيه كونغ للاعتذار عن كلامه أو مغادرة كندا. “ليس كافياً أن تقوم حكومة (جوستان) ترودو بتأنيب كونغ بشكل علني”، كتبت الصحيفة الصادرة في تورونتو، “إذا لم يعتذر (كونغ) ويتراجع عن كلامه أعيدوه رفساً إلى بكين”.
المديرة التنفيذية لـ”تحالف كندا هونغ كونغ” (Canada Hong Kong Alliance)، شيري وُونغ، قالت إنّ كلام السفير الصيني يشكل “تهديداً مباشراً” لجميع الكنديين. “ينبغي ألّا يغيب عن بال الكنديين المقيمين في هونغ كونغ أو الصين أنّهم قد يكونون التاليين. السفير كونغ نفسه أوحى بذلك”، أضافت وُونغ. و”تحالف كندا هونغ كونغ” منظمة كندية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في هونغ كونغ وتدعم الحركة الديمقراطية في هذه المستعمرة البريطانية السابقة.
ومن جهته أصدر زعيم حزب المحافظين الكندي إرين أوتول بياناً مكتوباً اعتبر فيه كلام السفير الصيني في كندا تهديداً يكاد يكون صريحاً للـ300.000 كندي في هونغ كونغ. ويشكّل حزب المحافظين المعارضة الرسمية في مجلس العموم في أوتاوا. وذكّر أوتول بأنّ الصين عضو دائم في مجلس الأمن الدولي وطلب بأن يتراجع السفير الصيني عن كلامه ويقدّم اعتذاراً علنياً، وإلّا على حكومة جوستان ترودو الليبرالية أن تطرده من كندا.
وكان ترودو قد جدّد تنديده الثلاثاء الفائت بالاعتقال “التعسفي” للكندييْن مايكل كوفريغ ومايكل سبافور ولأشخاص من جنسيات أُخرى في الصين، معتبراً أنّ هذه الاعتقالات هي ثمرة “دبلوماسية قسرية” و”تكتيك” لا تقبل بهما كندا وحلفاؤها. يُذكر أنّ سلطات بكين أوقفت كوفريغ وسبافور المقيميْن في الصين في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2018، بعد تسعة أيام على توقيف السلطات الكندية المديرةَ المالية لعملاق الاتصالات الصيني “هواوي” مينغ وانتشو في مدينة فانكوفر بناءً على طلبٍ من السلطات الأميركية التي تتهمها بالالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وتخضع مينغ للإقامة الجبرية في منزل تملكه في فانكوفر، وبدأ المسار القانوني لتسليمها للسلطات الأميركية. أمّا كوفريغ وسبافور فأدانهما القضاء الصيني في حزيران (يونيو) الماضي بالتجسس على أمن الصين القومي لصالح جهات أجنبية.
يُذكر أنّ التظاهرات في هونغ كونغ ضدّ الحكومة المحلية وضدّ السلطات الصينية اتسعت العام الماضي، وردّت سلطات بكين بتضييق الخناق على الحركة الديمقراطية في المستعمرة البريطانية السابقة وبقانون جديد مثير للجدل حول الأمن القومي دخل حيز التنفيذ في 30 حزيران (يونيو) الفائت. ويتضمن القانون الجديد قمع الأنشطة “الانفصالية” و”الإرهاب” و”التخريب” و”التآمر مع قوى خارجية وأجنبية”، فيقوّي من قبضة بكين على هونغ كونغ ويسهّل عليها قمع المتظاهرين فيها ضدّ السلطة. وتعتبر كندا، أسوةً بدول حليفة لها، أنّ القانون الصيني الجديد يشكل تهديداً لمبدأ “بلد واحد، نظامان مختلفان” الذي كان من المفترض أن يبقى سائداً مدة 50 عاماً بعد انتقال هونغ كونغ إلى سيادة جمهورية الصين الشعبية عام 1997.
(أسوشيتد برس / راديو كندا الدولي)