من إعداد فادي الهاروني
تَواصل رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاتفياً بعد ظهر اليوم. وقال مصدر في مكتب ترودو إنّ الحديث بين الزعيميْن كان “ودياً” وجرى التطرق خلاله إلى عدة مواضيع، من بينها “الحقوق الأساسية، ومكافحة الإرهاب، و(جائحة) كوفيد – 19، والمسائل الدولية والأمنية”. ويقول مكتب ترودو إنّ هذا الاتصال الهاتفي تمّ بناءً على “طلب بعد هجوم نيس”، في إشارة إلى الهجوم الذي استهدف مصلين في إحدى كنائس هذه المدينة الفرنسية يوم الخميس الفائت موقعاً ثلاثة قتلى ونفذه شاب تونسي كان يصرخ “الله أكبر”. ولم يوضح مكتب ترودو متى قُدّم الطلب. وكان رئيس الحكومة الكندية قد قال كلاماً يوم الجمعة الفائت بدا وكأنه جرح به الرئيس الفرنسي، إذ صرّح بأنّ حرية التعبير “ليست بلا حدود” وأنها يجب “ألّا تجرح بطريقة اعتباطية وغير ضرورية” مشاعر بعض المجموعات والجاليات. وكان ترودو يجيب آنذاك على سؤال حول الحقّ في رسم نبي الإسلام كاريكاتورياً كما فعلت مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة، وهي رسوم عرضها مدرّس فرنسي يُدعى صمويل باتي في حصّة حول حرية التعبير في مدرسة قرب باريس أوائل الشهر الفائت. وبعد عشرة أيام على ذلك قُتل باتي في الشارع وقُطع رأسه بأيدي شاب روسي من القومية الشيشانية كان يصرخ “الله أكبر”. ويأتي الاتصال الهاتفي بين ماكرون وترودو اليوم في أعقاب مواقف وتصريحات لشخصيات كندية حول كلام ترودو المذكور.
في يوم الثلاثاء أعلن فرانسوا لوغو، رئيسُ حكومة كيبيك، المقاطعة الكندية الوحيدة ذات الغالبية الفرنكوفونية، أنه تلقى اتصالاً من الرئيس الفرنسي الذي شكره على “دعم كيبيك (لفرنسا) في الدفاع عن حرية التعبير”. وأشار لوغو إلى أنّ “كيبيك وفرنسا تتشاركان في هذه القيمة الأساسية”. وشكر الرئيس الفرنسي رئيس حكومة كيبيك على دعمه “غير المشروط” في وقت تتعرض فيه فرنسا لسلسلة هجمات من قبل متشددين إسلامويين. وكان لوغو قد قال يوم الاثنين ردّاً على سؤال، “كلّا، لا أتفق مع جوستان ترودو. أتفق مع إيمانويل ماكرون”، وأضاف “لا يمكننا اتهام أشخاص قاموا بالرسوم الكاريكاتورية… وتبرير العنف بهذا الشكل… أنا، حقّاً، على خلاف تام مع السيد ترودو. يجب حماية حرية التعبير”.
وهذا الأسبوع، يوم الاثنين ثمّ يوم الأربعاء واليوم أيضاً، تعرّض رئيس الحكومة الكندية لانتقادات شديدة في مجلس العموم من قبل حزب المحافظين، الذي يشكّل المعارضة الرسمية، والكتلة الكيبيكية، ثاني أحزاب المعارضة، على خلفية كلامه يوم الجمعة. وزير الخارجية فرانسوا فيليب شامبان ردّ في مجلس العموم على الانتقادات بالقول إنّ العلاقة مع فرنسا “لم تكن في يوم من الأيام قوية كما هي اليوم”. وكان شامبان قد ردّ على منتقدي ترودو في المجلس يوم الاثنين بالقول “يجب علينا تجنّب تسييس هذه المسألة”، مضيفاً “جميع الكنديين والكنديات أُصيبوا بالهلع من الهجمات الأخيرة التي ارتُكبت في فرنسا. نحن، بالطبع، متضامنون مع الفرنسيين”.
يُذكر أنّ رئيس الحكومة الكندية جدّد دفاعه عن حرية التعبير يوم الثلاثاء دون التحدّث عن “حدود” لها. وردّاً على سؤال عمّا إذا كان يدين نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تناولت الرسول العربي، أجاب ترودو “كلّا”، وأضاف “أعتقد أنّ من المهم أن نواصل الحفاظ على حرية التعبير وأن ندافع عنها. هذا دوماً مهم. والفنانون والصحفيون لدينا يجعلوننا نفكّر ويضعوننا أمام التحديات ويقدّمون مساهمة بالغة الأهمية لمجتمعنا”.
(راديو كندا / وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)