الجالية الجزائرية في كندا والاستفتاء على تعديل الدستور في الجزائر
من إعداد سمير بن جعفر
الجالية الجزائرية المقيمة في كندا على موعد مع الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور في بلدها الأصلي. وتُفتتح مكاتب الانتخاب اليوم السبت وغدًا الأحد في مقرّ القنصلية الجزائرية في مونتريال للمقيمين في شرق كندا أو في قنصلية أوتاوا للمقيمين في باقي مناطق كندا. ويقيم معظم أعضاء الجالية في منطقة مونتريال الكبرى. وفي الاستحقاقات السابقة، أتيحت الفرصة للمغتربين للتصويت مسبقًا خلال أسبوع ، الأمر الذي لا يزال يسمح به القانون. لكن هذا العام، تم تخفيض المدّة إلى يومين. وبحسب نور الدين مريم، القنصل العام للجزائر في مونتريال، تشير التجربة إلى أن الناس يختارون التصويت في عطلات نهاية الأسبوع.
ووفقًا للدبلوماسي، فإن قرابة 110.000 جزائري مسجّلون في القنصلية. من بينهم، ما يقرب من 12000 مسجل في القوائم الانتخابية. ويشير محمد الهادي بناجي، مندوب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في مونتريال، إلى أن عدد الناخبين المسجلين قد ارتفع بمقدار 75 ناخبًا منذ الانتخابات الأخيرة بعد عمليات الحذف و التسجيلات الجديدة. ويتم ذلك على أساس طوعي لأن التسجيل في القنصلية لا يشكل تسجيلًا تلقائيًا في السجل الانتخابي.
وهل سيصوت هؤلاء جميعا؟ عادة ما تكون مشاركة جزائريّي الانتشار في المواعيد الانتخابية منخفضة. فخلال الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي نُظّمت في 12 ديسمبر كانون الأول 2019، بلغت هذه النسبة 3,4٪. حينها، تم تنظيم عملية “صفر صوت” عند مدخل القنصلية من قبل نشطاء مؤيدين للحراك الشعبي الجزائري الذي بدأ في 22 فبراير شباط 2019 والذي أسقط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 عامًا من الحكم ومحاولته الترشح لولاية خامسة.
ولتعزيز المشاركة في الاستفتاء والتصويت لصالح التعديل الدستوري المُقترح ، نشر وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، وهو المسؤول عن الجالية في الخارج ، مقطع فيديو على يوتيوب دعا فيه الجالية إلى التصويت بقوّة لصالح المشروع.
ومثلهم مثل المواطنين في الجزائر، تتراوح آراء المغتربين بين المقاطعة التامة إلى الدعم غير المشروطة، أو أولئك الذين يشاركون ولكنهم قرروا التصويت بلا. وتقول فتيحة غازي المقيمة في مونتريال والناشطة المؤيدة للحراك : “نحن في خضم ثورة من نوع جديد. إذا كان الهدف [من الدستور الجديد] هو إقامة دولة القانون والمؤسسات، فلا يمكن أن يتم ذلك مع نظام شمولي يستخدم وينتهك الانتخابات للحفاظ على نفسه . تُستخدم هذه الانتخابات بشكل أساسي لإرساء شرعية زائفة على المستوى الدولي ، ولا سيما مع كندا ، أحد شركاء النظام التجاريين “. وكما حدث في الانتخابات الأخيرة ، يستعد أعضاء من الجالية للرد ويعتزمون تنظيم وقفة احتجاجية أمام القنصلية لثني الناخبين “سلمياً” عن التصويت.
ويقول القنصل الجزائري : “نحن نتفهم تمامًا أن هناك أشخاصًا لا يريدون التصويت. لكن لا يجوز لهم اللجوء إلى العنف الجسدي واللفظي. للأسف، رأينا ذلك في الاقتراع الأخير “. وذكّر أيضًا أن” الحفاظ على النظام على الطريق العام ليس من مسؤولية القنصلية بل على عاتق دوائر الشرطة ” وأعرب عن أمله في عدم تكرار مظاهر العنف. لأنه “من ناحية، لا يليق بجاليتنا ومن ناحية أخرى، فإنه يعطي صورة سيئة عن جاليتنا للبلد المضيف والسكان المحليين.” وداخل مراكز الاقتراع في قنصلية مونتريال ، سيتولى مواطنون جزائريون آخرون مقيمون في كندا دور المراقبين ، وهو أمر يسمح به القانون حسب قول مندوب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات . ويؤكد هذا الأخير أن هؤلاء المواطنين متطوّعون. ويوم الاقتراع، ستُنظًّم مسيرة في شوارع مونتريال من “ساحة كندا” إلى مقرّ القنصلية.
ويقول أمين، وهو شاب جزائري يعيش في مونتريال، إنّه لن يشارك في هذه المسيرة. ويُظهر بوضوح دعمه لمشروع الدستورعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضح أنّه تحمّس لبنود الدستور التي تعزّز المجتمع المدني أو لامركزية الدولة والتي قد تقود إلى إنشاء مقاطعات بمجالسها الخاصة. لكنّ بنودًا أخرى تزعجه مثل البند المتعلّق بدين الدولة. وقال :”لا أعتقد أن الدولة لها دين. إن الدين مسألة شخصية.” “رغم عدم ثقتي في السياسيين الذين يستخدمون للأسف رمزًا تاريخيًّا مثل فاتح نوفمبر [الذكرى 66 لاندلاع الثورة الجزائرية] لتمرير الدستور ، لكنني لا أعتقد أن المقاطعة هي الحل. دعونا نعتمد هذا الدستور ونطلب منهم احترامه”، كما أضاف.
وعلى الجانب الآخر من الطيف السياسي الجزائري ، دعت الأحزاب الإسلامية إلى التصويت لكنها عارضت مسودة الدستور الجديد بسبب المكانة الممنوحة للغة الأمازيغية في المشروع وكذلك حيادية المدرسة أو الحريات الدينية أو مصدر التشريع، حسب تقارير إعلامية جزائرية. ويوضح محمد كمال، وهو جزائري يقيم في الضاحية الغربية لمونتريال، أنّه سيشارك في الاقتراع. ويعتبر مشاركته كوسيلة لاسترجاع حقه في التصويت.
ويعتقد أنه من الآن فصاعدًا، سيتعيّن على الحراك الشعبي استخدام وسائل جديدة في كفاحه من أجل التغيير. ويقول :”لقد تجاوزت احتجاجات الشوارع ذروتها وفقدت جدواها وفعاليتها. ولمرة أخرى، أصبح التصويت الواعي والشعبي والجماهيري الوسيلة السلمية الوحيدة لاستعادة المبادرة والتأثير على الحاضر، خاصة وأن السلطات لا تتوقع ذلك. أستعيد هذا الحق ، وأقوم بهذا الواجب أيضًا لأسباب تربوية “، متمنّيًا أن ” يسود الهدوء والتفاهم المتبادل “.