رحل الفوضوي سليط اللسان.. ولا يهم من يأتى

رحل الفوضوي سليط اللسان.. ولا يهم من يأتى

د. هشام الحمامي

بقلم د. هشام الحمامي

كاتب مصري

فرحة كبيرة في العالم أجمع برحيل هذا الكائن الغريب الفوضوى سليط اللسان.. كان السؤال الذى يكاد يكون على كل لسان هل خسر ترامب ؟ كان هذا هو الأكثر أهمية للغالبية الساحقة من شعوب ودول العالم ..لا يهم من يأتى بعده.. يقولون أنه لم يجلس في البيت الأبيض رجلا يحمل كل هذا القدر من الكراهية للعرب والمسلمين شعوبا وحكاما مثل هذا (المعتوه) الأتى من مستنقعات الفساد المالى والأخلاقي. 

لم يكن أبدا رجل دولة ولا رجل سياسة ولا فكر ولا استراتيجية ولا أى شىء قريب من هذه الصفات الضرورية لأى قائد بارز.. رجل يبدو سطحيا تماما.. يفتقد القدرة على فهم القضايا المركبة.. ويتعامل مع السياسة بانطباعية مباشرة.. وتصوره عن أكبر دولة فى العالم أنها مجرد إقطاعا شخصيا آل إليه..!! 

طوال أربع سنوات مضت لم يكد يمر يوم واحد في أمريكا دون الحديث عن فضيحة أو جريمة جديدة ترتبط  بالسمسار/ترامب.. لقد أصبح  الرجل ظاهرة إخبارية فريدة في التاريخ  السياسى الأمريكي.. علاقات جنسية /رشوات مالية وغير مالية /علاقات مريبة مع شخصيات روسية أكثر ريبة. 

لا علاقة له بالسياسيين الذين يعرفهم العالم في واشنطن.. ولا علاقة له أصلا بالسياسة وهذا ما قد يفسر شطحاته الشاطحة  في القضايا السياسية الكبرى.. لم يوجد من قبل أحد كان في حرصه على استفزاز الداخل والخارج معا وعلى إحراج أنصاره ومنتسبي حزبه الجمهوري وزيادة حجم الغيظ لدى خصومه الديمقراطيين.

****



كنت قد كتبت قبلا عن كتاب نشر عام 2017 بعنوان (حالة دونالد ترمپ الخطيرة) كتاب هام للغاية .. قامت بتحريره الطبيبة النفسية (باندي لي/50 عاما) أستاذة علم النفس التشريحى في جامعة ييل.. شارك فى الكتاب 27 عالم نفسي(علم نفس )وطبيب نفسي وأخصائيين  في مجال الصحة العقلية .. قاموا بتقييم حالة دونالد ترامپ العقلية من خلال خطابه وسلوكه على مدى طويل من حياته العامة وخلصوا إلى أنه شديد الخطورة على البلاد وعلى العالم.. 

 صحة الرئيس العقلية تؤثر على الصحة العقلية للشعب الأمريكي(هكذا قالوا..) ..إنه يضع البلاد في خطر كبير.. ويعمل بإصرار على تقويض الديموقراطية نفسها بسبب نرجسيته المرضية واعتلاله الاجتماعي.. وفى تقديرهم فان رئاسة ترامپ تمثل (حالة طارئة) تتطلب من الأطباء النفسيين الخروج عن مبدأ (جولدواتر).. الاسم الذي أُطلق على القسم السابع من مبادئ الأخلاقيات الطبية للاتحاد الأمريكي للطب النفسي.. والذي يرى أنه من غير الأخلاقي أن يقدم الأطباء النفسيون آراء مهنية حول الشخصيات العامة دون فحصهم بشكل شخصي.

(داخل عقل دونالد ترامب) مقال ضمن مقالات هذا الكتاب الهام  كتبته د/باندى نفسها وشاركها فى كتابته الصحفي الذي يعرف ترامب جيدا ( تونى شوارتز/68 عاما)والذي كان قد اشترك مع ترامب في تأليف كتاب (فن الصفقة) عام 1987م والذى يصفه ترامب بأنه أفضل كتاب بعد الكتاب المقدس يقول المقال: أن ترامب يحاول التظاهر بالعظمة والفخامة ولكنه في حقيقة الأمر مخادع كبير يفتقر الى الشعور بالأمان وعلى الجميع أن يكونوا حذرين حتى لا يدفعهم ترامب نحو الإصابة بالجنون!.  

 شخص ينظر الى كل من حوله كأعداء يتربصون به السوء وبناء على ذلك كما يقول المقال فى الكتاب..  فان ترامب يقدم على تعريف الحقيقة من وجهة نظره هو .. غيرمبال بمقتضيات القوانين والأعراف.. مشتت الذهن وغير قادرعلى التركيز و قراراته لا تنبع من تحليل منطقي أو تأمل دقيق لانعكاساتها… شخص غير قادر على احتمال أي قدر من النقد و يتصرف برد فعل غاضب ومهدد بالانتقام. 

الدرجة المستعصية لإعاقة ترامب العقلية (كما يسميانها) تجعل من الصعوبة  توقع الخطوات الكارثية التي قد تنتج عن شعوره باليأس وذلك بهدف ملء ما يشعر به من فراغ داخلي وإشعار نفسه بالأهمية..



****



المحامى (مايكل كوهين/54 عاما) والذى عمل محاميا لترامب من 2006 – 2018 م أعلن على الملأ أن كثيرا مما يقوله ترامب  أكاذيب فى أكاذيب على أكاذيب.. مثل انه أنه لم يدفع رشوة لإسكات بائعات الهوى.. كوهين كان قد كشف النقاب عن مكالمة هاتفية أجراها مع ترامب وسجلها له !! ويقول فيها بوضوح لا لبس فيه عن معرفة ترامب  وموافقته على دفع مبلغ 150000 دولارا لإسكات  العاهرات .. بل وبوضعه خطة ملتوية لفعل ذلك .. وأيضا يمتلك معلومات مؤكدة عن معرفة ترامب باللقاءات التي عٌقدت داخل برجه في نيويورك بين ابنه دونالد وشخصيات روسية لطبخ خطة لتشويه سمعة هيلارى كلينتون الانتخابية.



****



ترامب كان شديد العداء للفلسطينيين .. طبعا كل رؤساء أميركا السابقين لم يفعلوا شيئا لهم ولن يفعلوا .. لكنهم لم يعملوا على تصفية قضيتهم كما فعل ترامب وزوج ابنته ..اعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل و نقل سفارة بلاده إليها. ألغى التزامات أميركا المالية لـالأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين) عام 2018.. وأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن أيضا عام 2018 ..الأهم من ذلك أنه جعل المتعصبين اليهود في أميركا مستشاريه ومعاونيه السياسيين للتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ووصف زوج ابنته(كوشنر) بأنه أكثر شخص يفهم هذه المنطقة.  

اعتبر الصين خصما مباشرا لأمريكا (تذكروا وصفه لكورونا بالفيروس الصينى!) ليس هذا فقط  بل واعتبر أوروبا وكندا والمكسيك(تغيير معاهدة نافتا /اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية التى أقرها الكونجرس عام 1994م) واليابان وكوريا الجنوبية خصوما ومارس على الجميع  كل أنواع الضغوط.  

كان كارثة على بلاده في تعامله مع جائحة كورونا لم يكتف فقط بتجاهل العلم والعلماء في أميركا ما تسبب في مقتل عشرات الآلاف من الأميركيين الذين كان يمكن إنقاذ أرواحهم ليس هذا فقط بل وقطع المساعدات المالية عن منظمة الصحة العالمية وانسحب منها في الوقت الذى يعتمد على عملها ومساعداتها الصحية العشرات من الدول الفقيرة.



****



الشاعر الأمريكي الشهير(والت ويتمان 1819 -1892 م)صاحب قصيدة أمريكا الأولى كما يطلقون عليها(أوراق العشب)له جمله ممتلئة بالدلالة..يقول في أحد أبياتها: أمريكا ؟ماذا فعلت بحلمك الجميل؟ يقول الدارسون أن القصيدة هى المعادل الطبيعى لقيم الطبيعة والإنسان والطيبة والإخاء والصداقة والحب والديمقراطية والتى تأسست عليها( أرض الأحلام)…لكنها أبدا لم تكن كذلك .. 

أما عن بايدن الكاثوليكى وكامالا نائبته فلنا حديث أخر . 

اترك تعليقاً