الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنّ لا اله الاالله وحدة لاشريك له ، وأشهد أنّ محمد رسول الله . العمل الصالح هو: كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة مثل: الصلاة، الصوم، الذكر، بر الوالدين، وغيرها من الأعمال الصالحة، كما أنّ العمل الصالح يكون باجتناب الأعمال والأقوال والاعتقادات الباطلة ممّا نهى عنه الإسلام مثل: الشرك، النفاق، السرقة، شرب الخمر، وغيرها الكثير من الأعمال الفاسدة. فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة ، قال سبحانه في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}سورة المؤمنون- الآية 51 . ثمّ إنّ العمل الصالح هو ثمرة الإيمان ، وقد قرن الله سبحانه وتعالى بينهما في كثيرٍ من الآيات، فقد قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}سورة الكهف – الآية 107. يشترط لقبول العمل أنّ يكون فاعله مسلما، ودليل ذلك قول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}سورة النحل -الآية 97. قد ذكر سبحانه في كثيرٍ من الآيات أنّه لا يقبل أعمال الكافرين ، فقد قال سبحانه: {وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} سورة المائدة – الآية 5 . كما يشترط لقبول العمل أنّ يكون خالصا لله تعالى، فقد قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}سورة البينة الآية 5. كما أنّ من شروط قبول العمل أنّ يكون صالحاً وموافقاً لشرع الله تعالى ، فقد قال سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} سورة الكهف – الآية 110. فالعمل الصالح له ثمراتٌ طيبة، وعواقب حسنة، وأجوراً كبيرة في الدنيا والآخرة، ومن يعلم هذه الثمرات سيحرص على أنّ يكون كل عمله صالحا، وفيما يأتي بيان بعض هذه الثمرات: دخول جنات النعيم : فقد قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}سورة يونس -الآية 9. الحياة الطيبة : فقد قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. سورة النحل الآية 97. تكفير السيئات : فقد قال سبحانه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}سورة العنكبوت الآية 7. تبديل السيئات إلى حسنات : فقد قال سبحانه:{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}سورة الفرقان الآية 70. المغفرة والأجر العظيم : فقد قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۙ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}سورة المائدة الآية 9. الخلود في الجنة : فقد قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}سورة هود الآية 23. يحبهم الله ويحببهم إلى عباده المؤمنين : فقد قال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا}سورة مريم الآية 96. أخرج الإمام مُسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمالِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي)، وفيما يأتي بيان بعض من أحبّ الأعمال إلى الله ..الصيام وقيام الليل – إذ يُعَدّ كلٌّ من الصيام ، وقيام الليل من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى ؛ فقد ورد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: (قالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كانَ يَصُومُ يَوْمًا ويُفْطِرُ يَوْمًا، وأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ) ، فبهما تزداد صِلَة العبد برَبّه قوة ، وتتدرّب النفس على عدم التعلُّق بشَهَوات الدُّنيا ، وصَدّها عن المُنكَرات والمعاصي ، واستشعار مراقبة الله ، والفوز بالسعادة في الدُّنيا والآخرة. دوام شُكْر الله وحَمْده على نِعَمِه – إذ إنّ من صفات المؤمن الربّاني الباحث عن رضا الله دوامُ شُكره نِعَمَ الله تعالى التي مَنَّ بها عليه (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) سورة الزمر من الآية 7. الاقتداء بالصالحين – فمِن صفات الساعي إلى نَيْل رضا الله تعالى- اقتفاءُ أثر أهل رضوان الله سُبحانه ، ومَن ذَكَرَهم الله ، وأثنى عليهم في كتابه الكريم، كأهل الإيمان ، والعمل الصالح ، كما في قَوْله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ*جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) سورة البينة الآية 8-7، إضافة إلى الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكَر؛ فقد وصف الله تعالى- أمّة الإسلام بأنّها خَير الأُمَم ؛ لأمرها بالمعروف ، ونَهْيها عن المُنكَر؛قال تعالى: سورة آل عمران من الآية 110 (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر) .اللهم أحسن خاتمتنا وأعناعلى طاعتك ، اللَّهُمَّ هب لنا منك عملا صالحاً يُقربنا إليك ، فنسأل الله عز وجل بأن يتقبلنا جميعا في فسيح جناته ، اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ . اللهم آمين – وإلى اللقاء
إعداد أم تامر المصرى