You are currently viewing رجل أعمال معروف يبوح بأسراره لـ”افتح قلبك”
Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2019-01-02 14:44:31Z | | €

رجل أعمال معروف يبوح بأسراره لـ”افتح قلبك”

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2019-01-02 14:44:31Z | | €

يبوح بأسراره (تعبيرية)

د.أميمة السيد

سيدتي.. أنا مهندس ورجل أعمال كبير ومعروف جدااا داخل وخارج مصر، ولكن اسمحي لي بعدم تعريف شخصيتى لك بعينها، ليس افتقادا للثقة بشخصك الموقر، ولكن صدقينى هو مجرد إشفاق عليك أنت شخصيا من البعض!.. وما دعانى للفضفضة لك هو أن مشكلتي تكاد تخنقنى وأجد أن ليس لها حل على الإطلاق.. كما أننى رغم انشغالي وسفرياتي الدائمة إلا أننى لا يشغلنى أى شيء عن متابعة كل موضوع تقومين بنشره بهذا التبويب الجميل المميز وآراؤك الأكثر من رائعة التي أجد معها كثيرا من الراحة النفسية والاستراحة من مسئولياتى والعبرة التى كثيراً ما ثبتتنى وهونت علىّ ما أمر به، وبصراحة أحزن كثيراً عندما أمر يوميا على الباب فلا أجد جديدًا، خاصة في الفترة الأخيرة حيث طالت مدة انتظار مواضيعك دكتورتنا الفاضلة، وكنت أرسلت لك من قبل أكثر من رسالة أحثك فيها على عدم الانقطاع عن الكتابة، وربما كان ما وصلت إليه اليوم من نفسية سيئة لافتقادى كثيرا من الأشياء الجميلة التى تخفف عنى الكثير ومن ضمنها تبويبك هذا (افتح قلبك)، وها أنا اليوم ولأول مرة سأفتح قلبي لك سيدتى ولكل قرائك الذين أتعايش مع تعليقاتهم وأشعر أحيانا من بعضهم أنهم مقربين جدا لي..

سيدتى مشكلتى أصبحت نفسية من الدرجة الأولى، حاولت العلاج عند أكبر أطباء نفسيين بالعالم، حتى أننى طرقت باب العلاج عند أكبر مشايخ فلم أجد عندهم ضالتى، ولم تهدأ نفسي..

فأنا كنت ابنا عاقا لوالدي، فبسبب مشاكله مع أمي كرهتنى فيه وقست قلبي عليه، رغم محاولاته للتودد لى كثيراً ولكن قلبي قفل من ناحيته، وبعد وفاة أمى ورثت عنها أموالا كثيرة، وفوجئت بمحامي أبي يرسل لى لاستلام أموال أكثر، رغم أنه على قيد الحياة، وأرسل لي أنه كان يجتهد في عمله حتي يترك لى مالاً كثيراً أنا وأولادي من بعدى وأننى كل حبه في الحياة رغم البعد والجفاء..بعدها شعرت أننى ظلمته، حاولت أن أعوضه بُعدي عنه ولكن كلما أقترب أتذكر كلام أمى فأبعد أكثر..سافرت واستثمرت أموالى خارج وداخل مصر وأصبحت من أكبر رجال الأعمال، تزوجت أجنبيات من دول مختلفة، ولم أستقر معهن، ما عدا واحدة من أصل عربي أنجبت منها طفلين وحدثت بيننا خلافات، وفجأة ورغم حبي الشديد لهم أجدهم بعد أن كبروا ينفرون منى، فتذكرت ما فعلته أمي بي تجاه والدي، فشعرت بأن قلبي سينخلع علي رؤية أبي، فعدت مسرعا إلي القاهرة لأرتمى في أحضان أبي وأطلب منه السماح، ولكنني اكتشفت أننى وصلت متأخراً جدا فلقد مات أبي منذ شهر ونصف..بعدها بكيت كثيرا ومن يومها كرهت نفسي، ظللت بعدها سنوات أحاول الزواج من مصرية  ولكن من شدة خوفي من تكرار تجربة الأولاد المريرة كنت أشترط على كل من أتقدم لها بأن لا تنجب، فكانت ترفض، إلا واحدة فقط كانت مطلقة ولا تنجب، ولكن بعد الزواج بعام أراد الله أن تحمل وأنجبت توأم ولكنه معاق تماماً، ارتبطت بهما كثيرا وكنت على استعداد إنفاق أموالى لكي يشفيهما الله، إلى أن توفي أحدهما بعدما بدأ يتعافي وظل الأخر معاق وهو ابن الرابعة عشر من عمره حالياً، وبعد وفاة الولد طلبت زوجتى الانفصال، وتركت لى الثانى، فما كان منى إلا أن أدخلته مكان مخصص لرعاية أمثاله بإحدى الدول الأجنبية، نظرا لظروف عملي، وكلما أشتاق إلي أبنائي من زوجتى العربية وأحاول أن أراهم أجد صداً كبيرا لدرجة أنها زوجت البنت بدون علمي ولم أستطيع أن أحدد مكانها إلى الأن، ويوميا أحلم بكوابيس وأرى أمى بهيئات مختلفة، وأبي صادد عني، ويوميا مكائد من خصومى، والأن أنا مريض وأتألم  ورغم أموالي الكثيرة لا أستطيع أن أجد الراحة النفسية ولا البدنية، أفكر كثيرا وجدياً في الانتحار، لأنك لا تتخيلي مدي اختناقي وألامي النفسية، وأخذت علاجات ومهدئات كثيرة لسنوات دون جدوى، فلا تنصحينى عزيزتى بأى طبيب نفسي مرة أخري، إعتبريها من الأن مسئوليتك يا دكتور أميمة وأتمنى أن أجد في كلامك البلسم الذي يخفف عنى ويرشدني لراحة نفسية، بدلاً من أن تسمعوا عنى قريبا وتعرفوا شخصي من وسائل الإعلام وهي تعلن عن انتحار رجل أعمال.

(الرد)

بالفعل اعتبرتها مسؤوليتى كأي رسالة تصلني من قرائي الكرام..وليسمح لي من سبقك بالمراسلة أن أبادر بالرد عليك قبل غيرك ممن له الأسبقية، فأكثر ما يقلقنى هو تفكير إنسان بالانتحار، ولأنني بالفعل كنت مقصرة في الردود علي قرائي الغاليين لمدة طويلة، ولكن يعلم ربي أن التقصير كان رغماً عني، لظروف قهرية أهمها هو إصابة زوجي الغالي بسبب حادث وخضوعه إلي عملية جراحية، ولم أستطيع التخلي عنه إطلاقاً في هذه الظروف الحرجة، فسامحونى أحبتي في الله ودعواتكم بتمام الشفاء لزوجي ولكل مصاب ومريض..

ونأتي لمشكلتك سيدي والتي تبدو لك عويصة للغاية، وهي عويصة حتماً لشعورك بالذنب، ودعني أحدثك بصراحة وبدون تجميل، فبالفعل عقوق الوالدين أو أحد منهما لهو ذنب كبير بل هو من الكبائر، ولكنك نسيت في خضم ما حدث معك أن جميع ذنوبنا لها رب غفور رحيم أقسم بعزته وجلاله أن يغفر لعباده ما داموا يستغفرونه، ولابد أن يقترن الاستغفار بتوبة..كما نسيت قوله تعالي:”ألا بذكر الله تطمئن القلوب”

وأري مما ذكرته بل ويتضح جلياً ضعف الوازع الديني عندك وفي قلبك، نعم، فالتفكير الدائم في الانتحار وإزهاق روحك لهو أيضاً كبيرة من الكبائر تحاول بها علاج كبيرة أخري، أي تحاول الهروب من ذنوب لذنب أكبر متوهماً أنك ستجد به الخلاص، في حين أنها سنة الحياة ووعد الله علينا: “ولقد خلقنا الإنسان في كبد”، وأن الإنسان حتما سيشقي في الحياة الدنيا فهى دار ابتلاء واختبارات ومحن، والفائز منها هو من سيصبر علي الابتلاءات مع التمسك بطاعات الله عز وجل:

” أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ”!…

“إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ”..ومن هنا لابد وأن تعي حقيقة خلق الإنسان، فلقد خلقنا الله يا عزيزى حتى نعبده ما حيينا، وحينما يمكّن الله تعالي لأحدنا في الأرض بأي نوع من أنواع الرزق فعلينا أن نحمده ونشكره ليل نهار ولن نوفيه فضله علينا، لا أن نتذمر ونتمرد من عقبات خفيفة تقف أمامنا، ونعم الله علينا لا تعد ولا تحصي، وأنت تحديدا ما شاء الله، قد منّ الله تعالى عليك بالأموال الكثيرة التي يمكن أن تساعدك وتعينك على مصائب الدهر، فغيرك يصاب في ذريته بمرضهم مثل أبنائك ولكن ضيق ذات اليد لا تجعله يستطيع توفير الطعام لهم ليس فقط علاجهم ـ والأمثلة والنماذج في بلدنا كثيرة ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ

ومن ثم أستطيع أن أجزم بأنك وأنت علي هذا الحال لم تفكر كثيراً في من هم أقل منك نِعم، فيبدو أنك ورغم رحلاتك وانتقالاتك من بلد لأخر إلا أنك قد حصرت نفسك وروحك في برجك العاجي الذي نشأت فيه، وليس لك اهتمامات إلا في دائرتك الصغيرة المغلقة..

ولذلك ينبغي عليك حتي لا تعاني من الحياة التي تعتبرها مأساة، أن تغير من حياتك تغيير جذري، وتبدأها بالتوجه إلى الله والتزام الصلاة وجميع العبادات بقدر الإمكان، فكلما كنت في معية الله كان الله معينك ومعك..حرر نفسك وعقلك من جميع الأفكار السوداء، ثم انظر إلي الحياة نظرة مختلفة، عش بفطرتك لا بفطرة عبيد المال، أقبل علي الحياة حاول النوم المبكر والاستيقاظ المبكر وستجد الجمال والحلاوة  والهواء النقي في صلاة الفجر، صليها ثم استنشق نسائم التوقيت وشبع بهما رئتيك..

قصرت مع والدك، فحاول أن تبره بعد وفاته وأن تعوضه حرمانه منك في الدنيا، كن له الولد الصالح الذي يدعو له دائماً، تصدق عنهما كثيرا، حج واعتمر عن نفسك أولاً ثم عن والديك، قم بعمل الصدقات الجارية علي روحهما فهم الأن في أمس الحاجة إليها، واستغفر عنهما وخاصة عن والدتك لأنها متحملة الذنب الأكبر للأسف في قطع علاقتك بوالدك رحمه الله وكرهك له..واستغفر ربك كثيراً عن تقصيرك في حقه وحق والدك..

حاول أيضاً أن تصلح علاقتك بزوجتك العربية، سافر إليها وحاول أن تحل خلافاتك معها وأن تراجع نفسك لعلك أخطأت في حقها ـ وأعتقد أن لديك بالفعل خلل في علاقاتك بزوجاتك، ففشل علاقتك الزوجية من عدة جنسيات وفشل علاقتك بالأبناء يحتاج إلي وقفة مع النفس وإعادة حساباتها ـ وحتي إن أصرت هي علي رفضها حاول أن تقابل أبنائك منها وتجلس معهم وتوضح لهم وجهة نظرك بهدوء وحب أبوى وبدون التجريح في والدتهما.. وليتك بعد ذلك تختار زوجة مناسبة بعد أن تغير من نفسك لتكون هي السكن والونيس لك ورفيقة ما تبقي من سنوات عمرك..

وأخيراً..لابد وأن تعي جيداً أن المال مال الله، فلا تجعل الله يستدرجك بهذه النعمة، فحاول أن تتحري صدق مصادر توجيه تبرعاتك وتصدق وأنفق في سبيل الله كثيراً، فهو سبب في تفريج الكربات ودفع ورفع البلاء ورضا الله عز وجل، وعدد نواياك في التصدق: التصدق عن والداك رحمهما الله، وإرضاء الله عز وجل وشفاء إبنك وإزاحة الغمة والضيق عن نفسك، وثق أنه “ما نقص مال من صدقة”

وأيضاً  ثق بالله تعالي، وأدعوك أن تتمعن في هذه الأيات جيداً من سورة البقرة :

(إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ? وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ? وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ? وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)  لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَ?كِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ? وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ? وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ? وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ? وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)).

اترك تعليقاً