الحرة / خاص – واشنطن
الاتفاق الجديد يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا بعد تسييله في المحطات المصرية المعدة لذلك
تسلط مذكرة التفاهم الموقعة بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، الأربعاء، بشأن تصدير الغاز لأوروبا الضوء على مدى إمكانية أن يسهم هذا الاتفاق الثلاثي في حل أزمة الطاقة التي تعاني منها الدول الأوروبية الباحثة عن بدائل للوقود الروسي منذ غزو موسكو لأوكرانيا.
ويهدف الاتفاق الجديد إلى نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا بعد تسييله في المحطات المصرية المعدة لذلك، حيث تقوم إسرائيل منذ 2020 بضخ الغاز الطبيعي إلى مصر من أجل تسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا، بموجب اتفاق قيمته 15 مليار دولار.
واستورد الاتحاد الأوروبي 155 مليار متر مكعب من الغاز من روسيا العام الماضي أي ما يمثل 40 في المئة، من استهلاكه.
بالمقابل صدرت مصر 8.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال العام الماضي و4.7 مليار متر مكعب في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام وفقا لبيانات “ريفينيتيف أيكون” أغلبه كان يذهب إلى آسيا.
وأثار الغزو الروسي لأوكرانيا إدانات دولية وتحركات من قبل مشتري الغاز الروسي لتأمين مصادر بديلة، ربما ستؤدي بالنهاية لإغضاب موسكو في حال نجحت تلك التحركات بالفعل في تحييد تأثير الغاز الروسي على الدول الأوروبية.
وترتبط كل من مصر وإسرائيل بعلاقات طيبة مع موسكو لم تتأثر كثيرا نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في فبراير الماضي.
ويعتقد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بشير عبد الفتاح أن الاتفاق الجديد “لن يغضب موسكو لأنها تتفهم بأن كل دولة تبحث عن مصالحها”.
ويضيف عبد الفتاح في حديث لموقع “الحرة” أن “هناك اكتشافات للغاز في شرق المتوسط، والدول المعنية تريد أن تستفيد من هذه التطورات”، مبينا أن “من الطبيعي أن تتفهم روسيا هذه المسألة”.
وإضافة لذلك يشير عبد الفتاح إلى صعوبة منافسة روسيا في مجال تصدير الغاز لأوروبا على اعتبار أنها “تزود الدول الأوروبية بنحو 30 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا”.
وعند مقارنة هذه الأرقام مع جميع مشاريع شرق المتوسط (إسرائيل ومصر وقبرص) يقول عبد الفتاح إن هذه الدول “لا يمكنها أن تزود دول أوروبا بأكثر من 3 مليار قدم مكعب يوميا تمثل نسبة 10 في المئة فقط مقارنة بالغاز الروسي”.
ويرى عبد الفتاح أن “تواضع الكمية التي ستصدر لأوروبا من شرق المتوسط لن تشكل حرجا أو تؤثر على حصة روسيا” في هذا المجال.
ويتوقع مسؤولون أن تزيد شحنات الغاز الطبيعي المسال من مصر إلى أوروبا بعد الاتفاق، لكنهم قالوا إن الأمر قد يستغرق عامين قبل تحقيق زيادة كبيرة في الصادرات.
ونقلت رويترز عن مصادر من قطاع الغاز إن إسرائيل في طريقها لزيادة إنتاجها من الغاز إلى مثليه في السنوات القليلة المقبلة ليبلغ نحو 40 مليار متر مكعب سنويا بتوسعة مشروعات وبدء تشغيل حقول جديدة.
ويخدم الغاز الإسرائيلي حاليا السوق المحلية بالإضافة إلى مصر والأردن المجاورتين.
وتأمل مصر في الاستفادة من موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية المطورة جيدا لكي تصبح مركزا دوليا مهما لتجارة الغاز وتوزيعه، في تحول من المحتمل أن يكون فارقا لبلد أنفق نحو ثلاثة مليارات دولار على واردات الغاز الطبيعي المسال السنوية في الآونة الأخيرة.
وحققت مصر سلسلة من الاكتشافات الكبرى في السنوات الماضية، بما في ذلك حقل ظهر الأكبر في البحر المتوسط، وهو ما ساعدها على جذب مستثمرين.
وترى أستاذة الاقتصاد السياسي في الجامعة الأميركية بالقاهرة نادية رمسيس أن من الصعوبة على مصر سد حاجة أوروبا بالكامل من الغاز، “لكنها قادرة على سد جزء من تلك الحاجة، على اعتبار أن لديها مصادر ضخمة للغاز وهناك أيضا اكتشافات جديدة على مدار الوقت وخاصة في حوض الدلتا”.
وتضيف رمسيس لموقع “الحرة” أن “مصر تمتلك بنية تحتية جيدة سمحت لها توقيع هذا الاتفاق، من خلال مصانع تسييل الغاز الوحيدة الموجودة في الشرق الأوسط”.
بالنهاية تعتقد رمسيس أن البنية التحتية المصرية ليست مصدر قلق فيما يتعلق بتحول مصر لدولة مهمة في مجال الطاقة، لكن ما يقلقها هو “اكتشاف مصادر جديدة للغاز.”
وتبين رمسيس أنه “في حال اكتشاف حقول جديدة للغاز، في البحر الأحمر وغيرها من مناطق البلاد، فيمكن أن تصبح مصر أحد مصادر الطاقة البديلة لأوروبا على الأقل” خلال السنوات المقبلة.
يتفق الخبير بمركز الأهرام بشير عبد الفتاح مع هذا الطرح ويرى أن “مصر من الصعب أن تكون بديلا لأي دولة في مجال الطاقة، في ظل التحديات التي تواجهها في مجال البنية التحتية للتصدير وعدم توفر خطوط الأنابيب واعتمادها على تصدير الغاز المسال عبر السفن”.
أيضا يرى عبد الفتاح أن “الاستهلاك المحلي لمصر من الغاز يصل لنحو 80 إلى 90 بالمئة من ‘نتاج البلاد، وبالتالي فإن الأمر يتطلب المزيد من الاكتشافات والانفاق” للوصول الى مستويات عالية من انتاج الغاز.
ويختتم عبد الفتاح بالتأكيد على أن مصر “لا يمكن أن تكون بديلا، وانما مساهما مهما في جزء من الحاجة العالمية” للطاقة خلال السنوات المقبلة.