You are currently viewing “المهاجرون يغزون بلادنا”.. تصريحات “عنصرية” لوزيرة الداخلية البريطانية تفاقم معاناة طالبي اللجوء

“المهاجرون يغزون بلادنا”.. تصريحات “عنصرية” لوزيرة الداخلية البريطانية تفاقم معاناة طالبي اللجوء

برافرمان لها أصول هندية ومع ذلك تنتهج نهجا عنصريا ضد المهاجرين (رويترز)

أيوب الريمي

لندن تواجه وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان عاصفة من الانتقادات على خلفية تصريحاتها التي قالت فيها إن بلادها تتعرض “لغزو من المهاجرين”، وهو تصريح وصفه كثيرون بأنه ينهل من مصطلحات اليمين المتطرف، وبلغ الحرج ببعض وزراء الحكومة البريطانية حد التبرؤ من هذه التصريحات الصادمة وغير المسبوقة.

التصريحات الصادمة لسويلا برافرمان جاءت في أول جلسة لها في مجلس العموم للحديث عن سياسة حكومة ريشي سوناك في التعامل مع تدفق المهاجرين عبر البحر، والتي تقول الحكومة إنها بلغت مستويات قياسية هذا العام.

وتزيد تصريحات وزيرة الداخلية -ذات الأصول المهاجرة- من تعقيد ملف الهجرة في بريطانيا، خاصة أنها تتزامن مع الكشف عن تكدس الآلاف من المهاجرين في مركز استقبال كان مخصصا عند إنشائه للتفتيش الأمني، قبل أن يتحول لمركز إيواء يقضي فيه اللاجئون أياما طويلة.

وعاد ملف المهاجرين للواجهة بقوة في بريطانيا بعد أن كشفت المعطيات الرسمية عن أن هذه السنة سجلت أكبر ارتفاع في أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى البلاد عبر القناة البحرية من فرنسا.

تصريحات عنصرية

وبات منصب وزيرة الداخلية سويلا برافرمان مهددا وبشكل كبير بعد تصريحاتها التي وصفتها المعارضة البريطانية بالعنصرية، عندما قالت إن بلادها تواجه “غزوا من المهاجرين”، وهو تعبير لم يسبق أن استخدمه أي وزير بريطاني سابق، مما دفع وزير الهجرة البريطاني روبرت جينريك للقول إن “المرء عندما يكون في منصب المسؤولية عليه أن ينتبه لتصريحاته”، معبرا عن معارضته العبارة التي تفوهت بها زميلته في الحكومة، مؤكدا أنه “لن يقوم بشيطنة المهاجرين واللاجئين”.

وعبّر عمدة لندن صادق خان عن غضبه من تصريحات وزيرة الداخلية، ووصفها بأنها “بشعة للغاية ومثيرة للانقسام ومحرضة ضد المهاجرين”، مبينا أن هذه اللغة هي التي “يتم استعمالها من قبل اليمين المتطرف”.

ووصف الزعيم السابق لحزب العمال جيريمي كوربن ما يحدث مع المهاجرين بأنه أزمة إنسانية، مضيفا أن الأوضاع في مراكز الاستقبال هي “نتيجة حتمية لعقود من تجريد اللاجئين من إنسانيتهم، ويجب أن نصف الأمر بأنه أزمة إنسانية وليس أزمة مهاجرين”.

وتحاول وزيرة الداخلية بكل ما أوتيت من قوة أن تحافظ على منصبها، مع تعالي الأصوات المطالبة بإقالتها، مما دفعها لرفع السقف عاليا في تبني خطاب معادٍ للاجئين، لاستمالة اليمين والشعبويين لصفها.

رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك من أصول هندية أيضا (غيتي)

الأعداد في تزايد

وتشير معطيات الحكومة البريطانية إلى ارتفاع قياسي في أعداد اللاجئين الذي وصلوا إلى البلاد هذه السنة؛ لتصل إلى 39 ألف شخص مقارنة بنحو 28 ألف مهاجر وصلوا خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل الرقم مع نهاية العام الحالي إلى أكثر من 44 ألف لاجئ.

وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية أنها تعالج أكثر من 100 ألف طلب لجوء ما زالت في قائمة الانتظار، وتبرر الوزارة هذا العدد بعاملين: الأول هو ارتفاع أعداد اللاجئين الذين وصلوا إلى البلاد، والثاني هو حالة الإغلاق التي شهدتها البلاد بسبب كورونا، وفي عام 2022 وحده هناك 63 ألف طلب لجوء ما زالت تنتظر النظر فيها من قبل وزارة الداخلية.

وكلما طالت مدة البت في طلبات اللجوء، زادت أعداد اللاجئين الذين ينتظرون معرفة مصيرهم، ويتم توزيعهم بين مراكز الاستقبال والفنادق، ويبلغ عدد المهاجرين الموزعين على الفنادق 13 ألف طالب لجوء، وهو ما يكلف خزينة الدولة 6 ملايين دولار يوميا.

الآلاف وصلوا إلى المملكة المتحدة العام الحالي بعدما عبروا بحر المانش (غيتي)

تهويل ومبالغة

ورغم كل هذه الأرقام، فإن دراسة لمرصد الهجرة التابع لجامعة أكسفورد البريطانية أظهر أن بريطانيا سادس دولة بين الدول الأوروبية من حيث استقبال طلبات اللجوء، إذ تتصدر ألمانيا القائمة باستقبالها خلال العام الماضي أكثر من 190 ألف طلب لجوء.

وتكشف الدراسة أيضا عن أن بريطانيا هي من أقل الدول الأوروبية استقبالا للاجئين من حيث تعداد السكان، حيث يبلغ عدد اللاجئين نحو 8.4 مهاجر لكل 100 ألف نسمة، وهو رقم قليل مقارنة بألمانيا، التي تبلغ هذه النسبة 22.9، وفي فرنسا تصل هذه النسبة إلى 17.8 لكل 100 ألف نسمة.

ورغم إعلان وزارة الدفاع البريطانية وصول 1000 لاجئ في يوم واحد إلى السواحل البريطانية، فإن هذا لا يمنع من استمرار تبادل التهم بين لندن وباريس حول المسؤولية عن استمرار تدفق اللاجئين إلى المملكة المتحدة، حيث ترى الحكومة البريطانية أن فرنسا لا تقوم بما يجب من أجل منع قوارب المهاجرين من مغادرة السواحل الفرنسية للوصول إلى بريطانيا.

ويزيد الضغط على وزارة الداخلية البريطانية لتسريع النظر في طلبات اللجوء، بعد تفجر فضيحة مركز “مانتسون” الذي كان مخصصا للبحث الأمني فقط قبل نقل طالبي اللجوء إلى مراكز الإيواء، وكانت خطة الحكومة أن يعبر من هذا المركز أكثر من ألف طالب لجوء يوميا ثم نقلهم لأماكن الإقامة، إلا أن التحقيقات كشفت عن أن المركز بات يأوي أكثر من 3 آلاف طالب لجوء، ومنهم أسر قضت فيه أكثر من شهر تنتظر، وهو وضع يخالف القانون ويضع حكومة ريشي سوناك تحت ضغط حل هذه الأزمة.

المصدر : الجزيرة

اترك تعليقاً