مصطفى سيف – القاهرة – سكاي نيوز عربية
كريم البدري قائد الفريق البحثي الذي وضع الدراسة في علم الفلك
أسهم الباحث المصري – الأميركي كريم البدري في اكتشاف ملهم – أُعلن عنه الجمعة الماضي – حيث قاد مجموعة بحثية اكتشفت أقرب ثقب أسود من الشمس، وأكبر منه بـ 10 مرات وأنه أقرب بثلاث مرات من الثقب صاحب الرقم القياسي السابق من حيث القرب.
والبدري هو عالم في الفيزياء الفلكية في جامعة هارفارد الأميركية، حيث ترجع أصوله المصرية لأبيه، لكنّه عاش طوال حياته في الولايات المتحدة ولا يستطيع تحدُّث اللغة العربية، مشيراً إلى أنّ مهمته الرئيسة بالجامعة هي إجراء البحوث وإرشاد الطلّاب.
ووُلد البدري في مدينة روزبورغ بولاية أوريغون، وحصل على بكالوريوس الفيزياء الفلكية عام 2016، وحصل على الدكتوراه في الفيزياء الفلكية عام 2021 من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ثم انتقل إلى جامعة هارفارد، بحسب الصفحة الشخصية له على موقع الجامعة.
1500 سنة ضوئية
وعن تفاصيل الاكتشاف الجديد قال البدري في حوار خاص مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إنّه واصل استخدام مركبة “غايا” الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، محدداً الأشياء المثيرة للاهتمام لمتابعتها باستخدام التلسكوبات، مع تنسيق الملاحظات وكتابة الورقة الخاصّة بالبحث.
وعن الفرق بين الثقب الأسود الذي اكتشفه والثقوب السوداء الأخرى، قال إنّه “الثقب الأسود الذي اكتشفه مع فريقه البحثي على بُعد حوالي 1500 سنة ضوئية”، مستطرداً: “أقرب ثقب أسود معروف سابقاً يقع على بعد 3 مرات من الأرض بنحو 4500 سنة ضوئية”.
ويشير البدري إلى أنّه كان يبحث عن ثقوب سوداء (خامدة) على مدى أربعة أعوام ماضية باستخدام مجموعة واسعة من البيانات، مضيفًا: “لقد أدت محاولاتي السابقة- وكذلك محاولات الآخرين – إلى عدد من الأنظمة الثنائية التي تتنكر في شكل ثقوب سوداء، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يؤتي فيها البحث ثماره”.
ويستطرد: “كان هناك عديد من الاكتشافات المزعومة لمثل هذه الأنظمة، فقد تم دحض جميع هذه الاكتشافات تقريباً في وقت لاحق، يعتبر هذا هو أول اكتشاف لا لبس فيه لنجم شبيه بالشمس في مدار واسع حول ثقب أسود ذو كتلة نجمية في مجرتنا”.
ويوضّح أنّ “الثقوب السوداء صغيرة ومظلمة، إذا تم عزلهم، فمن الصعب العثور عليها، ولكن إذا كانت في نظام ثنائي – أي تدور حول نجم – فيمكن اكتشاف وجودها بسهولة أكبر من خلال تأثيرات الجاذبية على النجم”.
ويرى أنّ هناك الكثير من التقارير الخاطئة عن اكتشافات الثقوب السوداء في السنوات القليلة الماضية، حيث إنّ المستكشفين لها يتفاعلون مع ثنائيات تحتوي على نجمين مضيئين.
والنجوم الثنائية، وفقًا لموقع ناسا، هي تلك التي تدور حول بعضها البعض، والتي يتم تمييزها بهذا المصطلح عن النجوم المزدوجة القريبة من بعضها بالصدفة، ورغم أن الأرقام ليست دقيقة إلا أن ما بين ثلث إلى نصف النجوم في الكون هي جزء من نظام نجمي ثنائي.
وبحسب الورقة البحثية المنشورة عن الاكتشاف فإنّ كريم وفريقه اعتمدوا على البيانات التي حصل عليها مرصد غايا التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.
واستغرقت المهمة ما يقرب من عقدٍ من الزمان من أجل قياس المواقع والمسافات والحركات المناسبة لما يقرب من مليار جسم فلكي، مثل النجوم والكواكب والمذنبات والكويكبات والمجرات.
من خلال تتبع حركة الأجسام أثناء دورانها حول مركز مجرة درب التبانة (تقنية تُعرف باسم قياس الفلك)، تهدف مهمة غايا إلى إنشاء كتالوج الفضاء ثلاثي الأبعاد الأكثر دقة على الإطلاق.
وفحص البدري وفريقه عدد النجوم البالغ 168،065 في إصدار بيانات غايا 3 والتي على الأرجح أنها مدارات ثنائية الجسم، وعثروا على نجم مظلم أطلقوا عليه اسم “غايا بي إتش 1”.
ووفق بيانات غايا التي ترصد كيفية تحرك النجم في السماء، يمنح حجم المدار ومدته قيداً على كتلة النجم المظلم، وللتأكد من أنّ تحليل غايا صحيح تم استبعاد بدائل الثقب الأسود، ولوحظ أنّ النجم المظلم طيفي باستخدام عدة تلسكوبات أخرى، وتم إثبات أنّه مظلم بالفعل.
وذكرت الورقة البحثية فإنَّ “غايا بي إتش 1” يختلف كليّاً عن الثقوب السوداء الأخرى المعروفة في الثنائيات، خاصة وأنّ النجم الآخر لامع ويدور ببطء.