تجمّع مساء أمس الاثنين في مونتريال عدد من الجزائريين للاحتفال بالذكرى الـ 68 لاندلاع حرب التحرير الجزائرية وللمطالبة بالإفراج عن ’’معتقلي الرأي‘‘ في بلدهم الأمّ.
وفي المتنزه الصغير المقابل للقنصلية الجزائرية، عُلقت صور لمعتقلي الرأي، وأُشعلت الشموع في حين كانت شاشة كبيرة تبثّ صورهم مع أبطال الثورة الجزائرية.
وفي حديث مع راديو كندا الدولي، قال جهاد حليمي، أحد المشاركين في التجمّع : ’’في الجزائر، بعد 68 عاماّ من اندلاع حرب التحرير، لا تزال الحقوق مقموعة. يمكن سجن أي مواطن لنشر منشور على فيسبوك. هناك اشخاص ماتوا في السجن بسبب ذلك مثل حكيم دبازي [في أبريل نيسان الماضي].‘‘
وأثارت وفاة هذا الأخير ردّ فعل بعض الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية في الجزائر والتي دعت إلى إجراء تحقيق.
وأمام البرلمان، أكد وزير العدل الجزائري أن وفاة هذا المعتقل كانت ’’طبيعية‘‘، بحسب تقرير الطبيب الشرعي الذي قام بتشريح الجثة.
أي انتقاد لإدارة شؤون الدولة يعتبر تشهيراً من قِبل النظام [الجزائري].
ويضيف أن العدالة تُستخدم ’’للقمع بواسطة قوانين تقمع الحريات مثل المادة 87 مكرر [من قانون العقوبات] التي تعتبر كلّ من يحاول تغيير الجزائر خارج ما هو منصوص عليه في الدستور إرهابياً.‘‘
ووفقًا لهذا المتخصص في الاعلام الآلي، فإن هذا يمنع الجزائريين من التغيير. ’’للحصول على بديل، يجب أن نلتقي ونتبادل الأفكار ونطور البرامج. ولكنّنا لا نستطيع القيام بذلك ما دامت التجمّعات غير قانونية وتقودنا إلى السجن.‘‘
وبحسب جهاد حليمي، فإن عدد معتقلي الرأي المقربين من الحراك الشعبي الذي هزّ الجزائر ابتداءً من فبراير / شباط 2019 يصل إلى نحو 240 شخصاً.
وفي يونيو حزيران الماضي، دعت منظمة العفو الدولية السلطات الجزائرية إلى ’’الإفراج الفوري وغير المشروط عن 266 ناشطاً ومتظاهراً على الأقل ممن شاركوا في الحراك الاحتجاجي، وانتقدوا السلطات، ونددوا بفساد الدولة، أو عبروا عن تضامنهم مع المسجونين.‘‘
يجب وضع حد للسجن غير المبرر للنشطاء والمتظاهرين. من المخزي أن تستمر السلطات الجزائرية في استخدام القوانين القمعية والغامضة الصياغة بشكل مفرط لمقاضاة الأشخاص لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع.
وبعد ذلك بقليل في يوليو / تموز، بمناسبة عيد الاستقلال، استفاد بعض معتقلي الرأي من عفو أصدره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
ويعتقد جهاد حليمي أن السلطات الجزائرية ’’تجدد دائما مخزونها من معتقلي الرأي. تطلق سراح البعض وتقبض على آخرين.‘‘
الخوف من العودة للجزائر
لم يكن تجمع الليلة الماضية يشبه التجمعات الكبيرة لأفراد الجالية الجزائرية في كندا حيث كان الآلاف يجوبون شوارع مونتريال دعماً للحراك.
وبالنسبة إلى إحدى المشاركات التي فضلت عدم الكشف عن اسمها ، ’’ما زالت التعبئة موجودة، لكن هناك أشخاص يريدون الذهاب إلى الجزائر لزيارة عائلاتهم، لكنهم يخشون أن يلقوا مصير الذين اعتُقلوا مثل ما حصل للكندي الجزائري لزهر زوايمية.
وهناك آخرون لا يريدون التحدث عن المشاكل التي واجهوها أثناء زياراتهم للجزائر خوفا من تبعات ذلك على عائلاتهم في الجزائر.‘‘
ومُنع لزهر زوايمية من مغادرة الجزائر بعد زيارة عائلية في فبراير / شباط الماضي. واتّهم بالإرهاب وقضى عدة أسابيع في السجن.
وأُفرج عنه مؤقتاً ثم غادر الجزائر في مايو / أيار الماضي بعد محاولة خروج ثانية فاشلة.
وفنّد تهمة الإرهاب واعتبرها إهانة له كناشط حقوقي ويعتقد أن السبب في ذلك هو مشاركته في مظاهرات دعم الحراك في مونتريال.
وفي سبتمبر / أيلول الماضي، حكمت عليه محكمة قسنطينة (الجزائر) غيابيا بالسجن خمس سنوات وغرامة قدرها 100 ألف دينار (934 دولار كندي).
وعلى صفحته على الفيسبوك، قال إنه يرفض ’’جملة وتفصيلا الاتهامات التي لا أساس لها التي وجهت ضدي‘‘، مضيفاً ’’أؤكد مجددّاً وعلنا، كما لم أتوقف أبدًا عن فعل ذلك منذ 19 فبراير / شباط 2022 (يوم اعتقالي واحتجازي) ، أنني بريء ولم أرتكب أي جريمة أو جنحة.‘‘
وقبل نحو عشرة أيام في مونتريال، نوقشت قضية جزائريي كندا المعتقلين عند عودتهم إلى الجزائر خلال اجتماع لأعضاء من الجالية الجزائرية مع المبعوثة الخاصة المكلفة بالجالية الوطنية في الخارج طاوس حدادي جلولي.
ورداً على سؤال راديو كندا الدولي حول جزائريي كندا الذين يخشون العودة إلى بلدهم الأم لزيارة عائلاتهم، أكّدت أنه ليس هناك أيّ داعٍ للخوف.
وضربت مثالاً بشخص ’’صوّر نفسه ونشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي‘‘ مُدّعياً منعه من الخروج. ’’سألت المسؤولين. وأكّدوا لي أنّه لم يتمّ منعه أبداً من المغادرة.‘‘
وبشأن ’’جرائم الرأي‘‘ قالت إن هؤلاء الأشخاص اعتقلوا بتهمة ’’ التشهير وليس لآرائهم.‘‘
تظاهر الجزائريون لفترة طويلة دون وقوع حوادث. عندما نقارن بما حدث في مظاهرات باريس [فرنسا] من مشادّات وجروح، ندرك تحكّم قوات الأمن [في الجزائر] في الوضع وكذلك درجة وعي المواطنين، الأمر الذي كان مثيرًا للإعجاب لدرجة أن الرئيس [ الجزائري] وصف الحراك بالحراك المبارك.
يُذكر أنّ الرئيس الجزائري قال في بداية شهر أغسطس/ آب الفائت إنّه ’’لا يوجد معتقلو رأي في الجزائر. الوجود المزعوم لهذا النوع من المعتقلين هو كذبة القرن.‘‘