فيلم “الحوت” لبرندان فريزر حظي بتصفيق وحفاوة بالغة 6 دقائق في المهرجان وترشح لجائزة الأوسكار (غيتي)
حصل فيلم “الحوت” (The Whale) على تصفيق حار بعد عرضه الأول في مهرجان فينسيا السينمائي الدولي، جزء من تلك الحفاوة بسبب المنجز الفني للمخرج دارن آرنوفسكي، ولكن الجانب الآخر كان موجها لبطل الفيلم الممثل برندان فريزر الذي غاب عن الأنظار سنوات حتى نسيه الجمهور والنقاد ليعود بفيلم كبير ضمن له الترشح لجائزة أفضل ممثل بدور رئيسي، عن دوره في الفيلم.
لفريزر قصة خاصة للغاية، فقد بدأت مسيرته في التسعينيات، وحقق نجاحات كبيرة بأفلامه الكوميدية التي حطمت شباك التذاكر، ثم اختفى وفترت مسيرته لأسباب مختلفة، لكنه عاد بأسطع طريقة ممكنة.
نجاح تجاري ونقدي
بدأت مسيرة فريزر السينمائية عام 1991 بدور بحار متجه إلى فيتنام في فيلم “قتال جوي” (Dogfight) كان دور صغير ولكنه أهلّه للبطولة بعد ذلك بعام واحد فقط في فيلم الكوميديا “إنسينو مان” (Encino Man) الذي لعب فيه دور رجل كهف من زمن “ما قبل التاريخ” وقد ذاب فجأة في الحاضر، وقد حقق العمل نجاحًا جيدا في شباك التذاكر، وفي ذات الوقت مثل دورا رئيسيا مع مات ديمون في “علاقات مدرسية” (School Ties).
ومع عام 1994، توسع أكثر بالأدوار المتوسطة في أفلام لم تحقق نجاحا كبيرا في شباك التذاكر، منها ستيف نبراسكا بفيلم “الكشاف” (The Scout) ومونتغمري كيسلر في “مع مرتبة الشرف” (With Honors) وشارك آدم ساندلر وستيف بوسيمي بفيلم “إيرهيدز” (Airheads) ولكن أول أفلامه التي حققت إيرادات عالية لدرجة لافتة كان عام 1997 مع الفيلم الكوميدي “جورج من الغابة” (George of the Jungle) المقتبس من مسلسل رسوم متحركة بذات الاسم.
بينما كان أول أعماله التي حظيت بإعجاب النقاد فيلم “الآلهة والوحوش” (Gods and Monsters) المقتبس من قصة حقيقية حيث يروي الأيام الأخيرة من حياة مخرج الأفلام جيمس ويل، وينقل تجربته خلال الحرب العالمية الأولى.
وربما لا يتذكر جمهور اليوم فريزر في الكثير من الأفلام السابقة، ولكن هناك علامة لا تًنسى بمسيرته لأكثر من جيل وهو “المومياء” (The Mummy) عام 1999 والجزء الثاني “عودة المومياء” (The Mummy Returns) عام 2001، واللذان يعتبران أعلى أفلامه إيرادًا على الإطلاق.
اعتداء واختفاء وقائمة سوداء
عام 2018 وبعد انتشار حركة “أنا أيضًا” (#MeToo) التي غيرت وجه هوليود كما نعرفها الآن، صرح فريزر بتعرضه لاعتداء جنسي، فخلال لقائه مع مجلة “جي كيو” (GQ) أشار لقيام فيليب بيرك الرئيس السابق لرابطة الصحافة الأجنبية بهوليود “إتش إف بي إيه” (HFPA) المسؤولة عن تقديم جائزة “غولدن غلوب” (Golden Globe) بملامسته في مأدبة غداء أقيمت بفندق بيفرلي هيلز عام 2003.
ورغم أن فريزر قال إنه كان قادرًا على إزالة يد بيرك، إلا أن الحادث أرعبه وقد قال “شعرت بالمرض.. شعرت كأنني طفل صغير.. وكأن هناك كرة في حلقي.. ظننت أنني سأبكي” مضيفًا أنه أخبر زوجته آنذاك بالحادث “شعرت وكأن أحدهم قد ألقى علي طلاء غير مرئي”. لكن بيرك أخبر “جي كيو” أن ادعاء فريزر “ملفق بالكامل” وأكد تصريحه مرة أخرى لـ “إيه بي سي نيوز” (ABC News).
وقال فريزر (49 عامًا) لـ “جي كيو” إنه فكر في نشر قصته علنًا بعد فترة وجيزة من حدوثها، لكنه تراجع في النهاية. وعام 2003 في ذات وقت الحادثة طلب ممثلوه من “إتش إف بي إيه” اعتذارًا مكتوبًا، وبالفعل كتبه بيرك وقال فيه “لن اعترف بارتكاب أي مخالفة، ولكن إذا كنت فعلت أي شيء أزعج السيد فريزر، فلم يكن ذلك مقصودًا وأنا أعتذر”.
وأضاف إن “إتش إف بي إيه” وعدته بأنه لن يضطر أبدًا إلى أن يكون بمفرده مع بيرك مرة أخرى، وهو ما نفاه الأخير لمجلة “جي كيو“. كما تساءل الممثل عما إذا كانت المنظمة قد أدرجته بالقائمة السوداء بعد الحادث، مشيرًا إلى أن صمتها بعد الواقعة “كان يصم الآذان”.
وتعرض فريزر بعد هذا إلى حوادث أخرى سلبية منها طلاقه اللاحق، ووفاة والدته، الأمر الذي أدى إلى إصابته بالاكتئاب إلى جانب مشاكله الصحية، مما سبب في النهاية توقف مسيرته المهنية.
وقد فسرت العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية ومستخدمي وسائل التواصل إدراج فريزر بالقائمة السوداء من هوليود بسبب اتهامه ضد بيرك، وهو ما ينفيه الأخير.
فريزر من فيلم “الحوت” (أفلام إيه 24)
وبدأت حظوظ فريزر في التحسن مع 2020 وقد تم اختياره لدور رجل العصابات دوج جونز بفيلم الجريمة لستيفن سودربيرغ “لا حركة مفاجئة” (No Sudden Move) الصادر عام 2021. وفي يناير/كانون الثاني، تم الإعلان عن اشتراكه في فيلم دارين أرونوفسكي “الحوت” الذي عُرض لأول مرة بمهرجان البندقية السينمائي الدولي في سبتمبر/أيلول 2022 ونال أداؤه إشادة كبيرة وحظي الفيلم بتصفيق وحفاوة بالغة لمدة 6 دقائق، وترشح عنه لجائزة الأوسكار.
وفي أغسطس/آب من نفس العام، تم الإعلان عن فريزر كجزء من فريق عمل مارتن سكورسيزي القادم فيلم “قتلة زهرة القمر” (Killers of the Flower Moon) بالإضافة لفيلم المخرج ماكس بارباكو الكوميدي القادم “إخوة” (Brothers).
ورغم حصوله على ترشيح غولدن غلوب لأحدث أفلامه “الحوت” لم يشارك فريزر في الحفل بسبب “التاريخ” الذي يجمعه مع المنظمة، وخسر الجائزة لصالح أوستن بتلر، ومن المنتظر إعلان نتيجة جوائز الأوسكار في مارس/آذار المقبل.
المصدر : الجزيرة