You are currently viewing العدلُ أساسُ الملك

العدلُ أساسُ الملك

عندما يتحدث الناس عن مقومات بناء الأوطان، وإقامة الدول، وعدم سقوط الممالك، وهلاك الديار، فلابد أن يأتي العدل كواحد من أهم هذه المقومات. فـكما قيل “العدلُ أساسُ الملك”.. وبه قامت السموات والأرض.. هذه قاعدة مطردة استقرت عند الساسة والعامة، وثبتت بالواقع والتاريخ، وسنة كونية ربانية لا فرق فيها بين دولة مسلمة أو دولة كافرة.
العدل في الإسلام: الإسلام دين العدل، وإذا كان لكل دين سمة فسمة الإسلام العدل؛ فالعدل والعدالة في شريعته حقيقة واقعة وفريضة واجبة، فرضها الله على الجميع دون استثناء، ففرضها على الرسول صلى الله عليه وسلم وأمره بها، قال تعالى: (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ)[الشورى/ 15].
وأمر الله بإقامته في كل الأمور: (وَأَقِيمُواْ ٱلۡوَزۡنَ بِٱلۡقِسۡطِ وَلَا تُخۡسِرُواْ ٱلۡمِيزَانَ)[الرحمن: 9].
وقال سبحانه: (إِنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالإِحسَانِ )[النحل: 90].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتقُوا الظُّلْمَ؛ فإن الظلم ظلُمات يوم القيامة))[رواه مسلم].
وعن معقل بن يسار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة)) [وراه البخاري ومسلم].
فمن جعل العدلَ أساسَ ملكِه قويت شوكته، وعظمت دولته، وإن كان كافرا، ومن جعل أساس دولته الظلم، وتضييع الأمانة وإهدار الحقوق لم تبق دولته، وإن كان مسلما. قال ابن تيمية رحمه الله: “إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة”.
وذكر ابن خلدون في مقدمته فصلًا بعنوان ”الظلم مؤذن بخراب العمران”، بيَّن فيه أن الظلمَ إذا انتشر، خربت البلادُ، واختلَّ حالُ العباد.
وفي عهد الخليفة الراشد عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كتب إِلَيْهِ بَعْضُ عُمَّالِه يقول:
“أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ مَدِينَتَنَا قَدْ خَرِّبَتْ، فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقْطَعَ لَهَا مَالًا يَرُمُّهَا بِهِ فَعَلَ!؟
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: “أَمَّا بَعْدُ: “قَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ، وَمَا ذَكَرْتَ أَنَّ مَدِينَتَكُمْ قَدْ خَرِّبَتْ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا، فَحَصِّنْهَا بِالْعَدْلِ، وَنَقِّ طُرُقَهَا مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّهُ مَرَمَّتُهَا وَالسَّلامُ”.
وكتب إليه واليه على خراسان يقول: «إن أهل خراسان قوم ساءت رعيتهم، وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك». فكتب إليه عمر: «.. أما بعد: فقد بلغني كتابك تذكر فيه أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم، وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فقد كذبت، بل يصلحهم العدل والحق، فابسط ذلك فيهم والسلام».
العدل قيمة مطلقة:- والعدل قيمة مطلقة مطلوب في كل حال ومن كل أحد: . مطلوب من الراعي مع رعيته فيكون به أول السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ((إمام عادل))..
. ومطلوب من الرعية مع بعضهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ)[النساء:135).
. ومطلوب مع الموافق والمخالف، والمحب والمبغض (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا}[المائدة:8]. ومعنى الآية : “ولا يحملنكم بُغْضُكم لبعض الناس على أن تحيفوا عليهم أو تظلموهم؛ بل يجب على المسلم أن يعدلَ حتى مع هؤلاء المخالفين”.
. ومطلوب من الآباء مع أولادهم، والأزواج مع زوجاتهم.
. وهو أيضا مطلوب مع كل راع مع رعيته، وكل ولي مع من ولاه الله أمره، مهما عظمت هذه الولاية أو صغرت.
أثر العدل على المجتمعات:- وإقامة العدل في المجتمعات ضرورة فهو : “الحارس للعقيدة والمال والنفس والعرض، والعدل خصب البلاد وأمن العباد، به قامت السماوات والأرض. فإلى العدل يأوي الضعفاء، ويلوذ إليه الفقراء، وفي العدل إنصاف للمظلوم، ورزق للمحروم، به يجتمع الشمل، وتتحد الكلمة وتدوم الرابطة، وتقوى الأواصر بين الناس” انتهى “من كتاب “المجتمع الإسلامي”.
فالعدل ملاك الأمر كلّه، وجماع الخير ورأس الفضيلة، وعليه تتوقف سعادة وطمأنينة المجتمع، وبه يأمن الإنسان على نفسه وماله وعرضه، فإذا ما أمن الناس وسعد المجتمع بالعدل، عمل الفرد فيه بحرية ونشاط فيزداد الإنتاج ويستقر حال البلاد ويسعد الأفراد والعباد. وبالجملة.. فالعدل لازم لقيام الأوطان وبقائها، والظلم مؤذن بهلاكها وفنائها.
وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا وجلَّاه في حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ حينما أراد أن يشفع في المرأة المخزومية التي سرقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتَشْفَعُ في حَدٍّ من حُدُود اللّه تعالى؟ ثم قام، فاخْتَطَبَ، ثم قال: إِنَّما أَهْلَكَ الذين مِنْ قَبْلِكم أَنَّهم كانوا إِذا سَرَقَ فيهم الشَّرِيفُ تَرَكُوه، وإِذا سَرَقَ فيهم الضَّعِيفُ أقاموا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطمةَ بِنْتَ محمدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها))[متفق عليه].
من مساوئ الكبر والعجب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن الكبر والعجب آفتان عظيمتان مهلكتان لصاحبهما، يكفي في الدلالة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ”. (رواه مسلم). وفي آفة العجب قال صلى الله عليه وسلم: “ثلاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وثلاثٌ مُهْلِكاتٌ: فأما المُنْجِياتُ: فتقوى اللهِ في السِّرِّ والعلانيةِ، والقولُ بالحقِّ في الرِّضَى والسَّخَطِ، والقَصْدُ في الغِنَى والفقرِ. وأما المُهْلِكاتُ: فهوًى مُتَّبَعٌ، وشُحٌّ مُطاعٌ، وإعجابُ المرءِ بنفسِهِ، وهي أَشَدُّهُنَّ”. (أخرجه البيهقي وحسنه الألباني لغيره). والكبر والعجب يسلبان الفضائل، ويُكسبان الرذائل. وليس لمن استولى الكبر والعجب عليه إصغاء لنصح، ولا قبول لتأديب؛ لأنه يتكبر على الناس بمنزلته، ويُعجب بما يراه لنفسه من الفضيلة. فالمتكبر إذا رأى نفسه في منزلة أعلى من غيره فهل تراه ينتظم في سلك المتعلمين؟ والمعجب إذا كان يرى لنفسه فضلا على الآخرين فهل سيرى نفسه في حاجة إلى الاستزادة من آداب المتأدبين؟.
ولخطورة هاتين الآفتين وما تجلبانه من شرور وآفات على من اتصف بهما كان لزاما بيان بعض ما يترتب عليهما.
أما الكبر فإنه يُكسب صاحبه المقت ويلهي عن التألف ويوغر صدور الإخوان، وحسبك بذلك سوءا عن استقصاء ذمه. ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “إيَّاكم والكِبْرَ”. (رواه الطبراني). وقال أزدشير بن بابك: ما الكبر إلا فضل حمق لم يدر صاحبه أين يذهب به فيصرفه إلى الكبر.
وحُكي عن مطرف بن عبد الله بن الشخير أنه نظر إلى المهلب بن أبي صفرة وعليه حُلة يسحبها ويمشي الخيلاء فقال: يا أبا عبد الله، ما هذه المشية التي يبغضها الله ورسوله؟ فقال المهلب: أما تعرفني؟ فقال: بلى أعرفك، أوَّلُك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وحشوك فيما بين ذلك بول وعذرة. فأخذ ابن عوف هذا الكلام فنظمه شعرا فقال:
عجبت من معجب بصورته … وكان بالأمس نطفة مذره
وفي غد بعد حسن صورته … يصير في اللحد جيفة قذره
وهو على تيهه ونخوته … ما بين ثوبيه يحمل العذره
وأورد الغزالي في الإحياء أن المسيح عليه السّلام قال: “إنّ الزّرع ينبت في السّهل ولا ينبت على الصّفا.
كذلك الحكمة تعمل في قلب المتواضع ولا تعمل في قلب المتكبّر. ألا ترون أنّ من شمخ برأسه إلى السّقف شجّه، ومن طأطأ أظلّه وأكنّه”.
قال عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: من تواضع لله تخشّعا رفعه الله يوم القيامة. ومن تطاول تعظّما وضعه الله يوم القيامة. وقال محمّد بن الحسين بن عليّ: ما دخل قلب امرىء شيء من الكبر قطّ إلّا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك، قلّ أو كثر. ومن آفات الكبر أن صاحبه يكتب في الجبارين، فعن سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا يزال الرّجل يذهب بنفسه (أي: يتكبر ويترفع) حتّى يكتب في الجبّارين فيصيبه ما أصابهم”. (الترمذي).
والله عز وجل لا ينظر يوم القيامة إلى المتكبرين، فقد ثبت عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “لا ينظر الله إلى من جرّ ثوبه خيلاء”. (البخاري ومسلم).
وأما الإعجاب بالنفس فيخفي المحاسن ويظهر المساوئ ويُكسب المذمة ويصد عن الفضائل. وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: “بينما رجل يتبختر. يمشي في برديه قد أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض. فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة”. رواه مسلم).
وعن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر منه، العجب”. (رواه البزار).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب. وقال بزرجمهر: النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها التواضع، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه منه العجب.
وقال بعض الحكماء: عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله.
وعن مسروق- رحمه الله- قال: كفى بالمرء علما أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعلمه.
وقد مرّ بالحسن البصريّ شابّ عليه بزّة له حسنة فدعاه فقال له: ابن آدم معجب بشبابه محبّ لشمائله. كأنّ القبر قد وارى بدنك وكأنّك قد لاقيت عملك، ويحك، داو قلبك فإنّ مُراد الله من العباد صلاح قلوبهم.
وليس إلى ما يُكسبه الكبر من المقت حد، ولا إلى ما ينتهي إليه العجب من الجهل غاية، حتى إنه ليطفئ من المحاسن ما انتشر، ويسلب من الفضائل ما اشتهر. وناهيك بسيئة تُحبط كل حسنة، وبمذمة تهدم كل فضيلة، مع ما يثيره من حنق ويكسبه من حقد.
وأحق الناس بمجانبة الكبر، ومباينة الإعجاب، مَن جَلَّ في الدنيا قدره، وعظم فيها خطره؛ لأنه قد يستقل بعالي همته كل كثير، ويستصغر معها كل كبير.
قال ابن السماك لعيسى بن موسى: تواضعك في شرفك أشرف لك من شرفك. وكان يقال: اسمان متضادان بمعنى واحد: التواضع والشرف.
وللكبر أسباب: فمن أقوى أسبابه علو اليد، ونفوذ الأمر، وقلة مخالطة الأكفاء. وحكي أن قوما مشوا خلف علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – فقال: أبعدوا عني خفق نعالكم فإنها مفسدة لقلوب نَوكَى الرجال (أي الحمقى). ومشوا خلف ابن مسعود رضي الله عنه فقال: ارجعوا فإنها ذلة للتابع وفتنة للمتبوع.
روي عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه نادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه – صلى الله عليه وسلم – ثم قال: أيها الناس لقد رأيتني أرعى على خالات لي من بني مخزوم فيقبض لي القبضة من التمر والزبيب فأظل اليوم وأي يوم. فقال له عبد الرحمن بن عوف والله يا أمير المؤمنين ما زدت على أن قصرت بنفسك. فقال عمر – رضي الله عنه -: ويحك يا ابن عوف إني خلوت فحدثتني نفسي، فقالت أنت أمير المؤمنين فمن ذا أفضل منك فأردت أن أعرفها نفسها.

وللإعجاب أسباب: فمن أقوى أسبابه: كثرة مديح المتقربين وإطراء المتملقين الذين جعلوا النفاق عادة ومكسبا، والتملق خديعة وملعبا، فإذا وجدوه مقبولا في العقول الضعيفة أغروا أربابها باعتقاد كذبهم، وجعلوا ذلك ذريعة إلى الاستهزاء بهم. وقد ورد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سمع رجلا يثْني على رَجُلٍ فَقالَ: “ويْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ أخِيكَ – ثَلَاثًا – مَن كانَ مِنكُم مَادِحًا لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ فُلَانًا، واللَّهُ حَسِيبُهُ، ولَا أُزَكِّي علَى اللَّهِ أحَدًا، إنْ كانَ يَعْلَمُ”. (البخاري).
وقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – المدح ذبح. وقال ابن المقفع: قابِلُ المدح كمادح نفسه. وقال بعض الحكماء: من رضي أن يُمدح بما ليس فيه فقد أمكن الساخر منه.
وقال بعض الشعراء:
يا جاهلا غره إفراط مادحه … لا يغلبن جهل من أطراك علمك بك
أثنى وقال بلا علم أحاط به … وأنت أعلم بالمحصول من ريبك
وهذا أمر ينبغي للعاقل أن يقاومه ويمنع نفسه من تصديق المدح لها، فإن للنفس ميلا لحب الثناء وسماع المدح. قال الشاعر:
يهوى الثناء مبرز ومقصر … حب الثناء طبيعة الإنسان
حكى الأصمعي أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – كان إذا مُدح قال: اللهم أنت أعلم بي من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يحسبون واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون. وقال بعض الشعراء:
إذا المرء لم يمدحه حسن فعاله … فمادحه يهذي وإن كان مفصحا

وربما آل حب المدح بصاحبه إلى أن يصير مادح نفسه، إما لتوهمه أن الناس قد غفلوا عن فضله، وأخلوا بحقه، فيتغنى بنفسه طربا إذا لم يسمع صوتا مطربا ولا غناء ممتعا.
وإما ليخدعهم بتدليس نفسه بالمدح والإطراء، فيعتقدون أن قوله حق متبع، وصدق مستمع. وإما لتلذذه بسماع الثناء وسرور نفسه بالمدح والإطراء، ولأي ذلك كان فهو الجهل الصريح، والنقص الفضيح. وقد قال بعض الشعراء:
وما شرف أن يمدح المرء نفسه … ولكن أعمالا تذم وتمدح
وما كل حين يصدق المرء ظنه … ولا كل أصحاب التجارة يربح
ولا كل من ترجو لغيبك حافظا … ولا كل من ضم الوديعة يصلح

وينبغي للعاقل أن يسترشد إخوان الصدق الذين هم أصفياء القلوب على ما ينبهونه عليه من مساوئه التي صرفه حسن الظن عنها. فإنهم أمكن نظرا، وأسلم فكرا، ويجعلون ما ينبهونه عليه من مساوئه عوضا عن تصديق المدح فيه.
كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول: رحم الله امرأ أهدى إلينا مساوئنا.
وقيل لبعض الحكماء: أتحب أن تهدى إليك عيوبك؟ قال: نعم، مِن ناصح.
فإذا قطع أسباب الكبر وحسم مواد العجب اعتاض بالكبر تواضعا وبالعجب توددا. وذلك من أوكد أسباب الكرامة وأقوى مواد النعم وأبلغ شافع إلى القلوب يعطفها إلى المحبة ويثنيها عن البغض.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً