You are currently viewing الحياة من أجل القضية.. والعقيدة مصدر القوة!

الحياة من أجل القضية.. والعقيدة مصدر القوة!

بقلم د.سليمان صالح

من أهم نعم الله سبحانه وتعالي أن يعيش الإنسان حياته من أجل قضية عظيمة تمنعه من الوقوع في الذنوب والمعاصي التي تجعله يشعر بالعار، فإن لم تشغل نفسك بالطاعات شغلتك بالمعاصي، ودفعتك إلى البحث عن المتع الصغيرة، فيجرفك الباطل بعيدا عن الحق.
ما أجمل الحياة عندما تعيشها بعقيدتك، وتبذل فيها كل جهدك لتحقيق هدف عظيم، فيشقى الجسم وتسمو الروح، ويملأ الإيمان القلب، ويكون للحياة معني وقيمة.
كانت تلك نتيجة تجربتي الشخصية التي بدأت منذ الطفولة؛ حيث تعلق القلب بالإسلام عقيدة وحضارة وثقافة وهوية وتاريخا ومستقبلا، وبالأمل في الله والثقة في فضله وكرمه ونصره.
نعمة من الله أن تولد في أسرة مسلمة، وأن يكون أبوك مسلما، وأن تفخر بنسبك لأجداد كرام لهم تاريخ مشرف في الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، وأن تكون أمك مؤمنة شريفة عظيمة تزوجت أباك زواجا شرعيا، فأصبحت لك مشروعية الوجود في الحضارة الإسلامية
لماذا أشك وأجهد عقلي!
عندما كنت طالبا بكلية الإعلام كنت أشارك في الكثير من المناقشات مع كل الاتجاهات السياسية والفكرية، وكان الاتجاه العلماني يسيطر على الكلية التي تعتبر “قلعة العلمانية”، ويوما قال لي طالب شيوعي: أنت مجرد مقلد لم تفكر، ولم تستخدم عقلك، ولدت في أسرة مسلمة، فأصبحت مسلما، ففقدت حريتك في اختيار طريقك، فأنت لا تستحق الاحترام، لأنك لست صاحب فكر ونظرية.
يومها وجهت له سؤالا مفاجئا لم يتوقعه: أنت شيوعي.. فهل قرأت كتاب رأس المال لكارل ماركس؟ وأضفت أنني قرأته، وأستطيع أن أعرض لك أهم الأفكار فيه، وهذا يعني أنني أعرف عن الشيوعية أكثر منك، وأنا أتوقع أن تنهار هذه الشيوعية التي تحولت إلى صنم يعبده السذج، وأنصاف المثقفين الذين تخلوا عن هويتهم.
إنها نعمة من الله
لكنني مضيت أفكر في سؤال زميلي: هل أنا مجرد مقلد، لم أستخدم عقلي، فأصبحت مسلما لأنني ولدت في عائلة مسلمة دون تفكير؟!
بعد سنوات من البحث والدراسة توصلت إلى نتيجة مهمة هي أنها نعمة من الله أن تولد في أسرة مسلمة، وأن يكون أبوك مسلما، وأن تفخر بنسبك لأجداد كرام لهم تاريخ مشرف في الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، وأن تكون أمك مؤمنة شريفة عظيمة تزوجت أباك زواجا شرعيا، فأصبحت لك مشروعية الوجود في الحضارة الإسلامية، وأن تنتمي إلي العرب الذين أكرمهم الله بأن يحملوا رسالة الله الخاتمة للعالم، وعلموا البشرية المعرفة بالله سبحانه وتعالى، وهذه هي المعرفة التي تجعل لحياة الانسان معني.
البحث عن مصادر القوة!
لذلك لا تجهد عقلك، وتضيع حياتك في الشك، ولا تغرق في النفايات الثقافية الغربية، فكم من الأذكياء ضلت عقولهم، بعد أن تضخمت رؤوسهم؛ فامتلأت بالخرافات الغربية.. واستخدمتهم دول الغرب في نشر الاستعمار الثقافي، ونشروا الكثير من الكتب التي نقلوا معظمها من العلماء الغربيين دون نقد أو تفكير أو ابداع.
لذلك حددت موقفي بوضوح أنا عربي النسب والأصل واللغة، ومسلم عقيدة وهوية وحضارة، وأري أن الإسلام هو الذي يمكن أن يحقق للإنسان الحرية والكرامة والحياة الحقيقية، وبذلك يحرر البشرية من الطغيان والعبودية والقهر والاستغلال الرأسمالي، والسيطرة الاستعمارية.
وأنا أرى بوضوح أن الإسلام هو الذي يمكن أن يقود ثورات الجنوبيين الفقراء ضد الاستعمار والتبعية والاستغلال والاستبداد والفساد والعنصرية الغربية، ويشكل مستقبل الدول الافريقية والآسيوية الفقيرة.
وقد عبرت عن موقفي وأفكاري، فتعرضت للاضطهاد من السلطة ومن أساتذة الكلية والجامعة، وفقدت كل فرصي وحقوقي في تولي المناصب التي أستحقها بجدارة، لكنني لا أشعر بأي ندم، فأنا رجل مبادئ، عشت حياتي أدافع عنها.
المقاومة الفلسطينية تقدم الآن لكل حركات التحرر الوطني في العالم نموذجا للكفاح، وأعداد المقاتلين من أجل الحرية والتحرير، ومواجهة القوة الغاشمة؛ فليس هناك أظلم أو أغشم من الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستخدم الأسلحة الأمريكية، ويقوم بإلقاء آلاف الأطنان من المتفجرات على غزة
قضية فلسطين.. لماذا؟!
ومنذ مرحلة الطفولة احتلت قضية فلسطين مكانتها المهمة في حياتي، فدرست تاريخها، وأدركت أن تحريرها هدف عظيم يجب أن تبذل الأمة كل جهدها لتحقيقه، لذلك توجه المسلمون في صلاتهم نحو القدس، حتى أمرهم الله بتحويل القبلة إلى المسجد الحرام الذي أصبح يرتبط بالمسجد الأقصى في قلب كل مسلم.
وأعدت الأمة عدتها، وأخذت بالأسباب وشارك أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم في تحرير فلسطين، من الاحتلال الروماني، ليكون ذلك التحرير بداية مرحلة جديدة في تاريخ العالم، فتحررت مصر وبلاد المغرب العربي، وانهزمت الإمبراطورية الرومانية التي استعبدت الناس، ونهبت ثرواتهم خاصة في مصر؛ حيث لم يكن يسمح الرومان للمصريين بحق الملكية، ويعتبرونهم عبيدا يزرعون الأرض، ليطعموا جيوش الإمبراطورية الرومانية قمحا بينما يتضورون جوعا.
تحرير فلسطين ومستقبل البشرية
لذلك فإن العالم لا يمكن أن يتحرر من العبودية إلا عندما تحرر الأمة الإسلامية فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، فهذا التحرير هو بداية مرحلة جديدة من حياة البشرية، يمكن أن يستثمر فيها الجنوبيون الفقراء ثرواتهم ليبنوا مستقبلهم علي أساس الاستقلال الشامل، لذلك يجب أن تدرك كل دول الجنوب هذه الحقيقة.
والمقاومة الفلسطينية تقدم الآن لكل حركات التحرر الوطني في العالم نموذجا للكفاح، وأعداد المقاتلين من أجل الحرية والتحرير، ومواجهة القوة الغاشمة؛ فليس هناك أظلم أو أغشم من الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستخدم الأسلحة الأمريكية، ويقوم بإلقاء آلاف الأطنان من المتفجرات على غزة، وهذه المتفجرات تعادل ثلاث قنابل نووية.
هذا النموذج يوضح أن القوة الغاشمة لا يمكن أن تتغلب على إرادة شعب قرر بإرادته الحرة أن يصمد على أرضه، وأن يحررها.
هل يمكن تحرير فلسطين؟!
إن نصر الله للمؤمنين حقيقة ساطعة في قلوب المؤمنين ترتبط بالعقيدة في قوة الله العزيز الحكيم، والثقة في نصر الله أهم مصادر قوة أبطال المقاومة، الذين اجتهدوا في اعداد العدة، واستخدموا عقولهم، وفكروا وأبدعوا، وأنتجوا الكثير من الأفكار، لكنهم خرجوا لقتال جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يروج خرافة “أنه جيش لا يقهر” وهم يرددون: “وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم” (سورة آل عمران: الآية 126).
المؤمنون يعدون العدة، ويأخذون بالأسباب، ويجتهدون في التفكير والتدبير والتخطيط عبادة لله، وهم يؤمنون ويعتقدون يقينا: أن النصر بيد الله وحده، لذلك تتعلق قلوبهم بالله، ويقاتلون عدوهم، وهم يثقون أنهم سيفوزون بالنصر أو الشهادة، فإن فاز أحدهم بالشهادة، فإنه يؤمن أن دمه سيضيئ للمؤمنين طريق النصر.
المؤمنون يعدون عدتهم، ويأخذون بالأسباب، ويستخدمون عقولهم، ويديرون الصراع بتخطيط استراتيجي طويل المدى، ويبتكرون أسلحة جديدة، ويطورون الصواريخ والقنابل، ويستخدمون الإعلام لكسب العقول والقلوب، ويقاتلون ببطولة وشجاعة وشهامة ورجولة، لكن عقيدتهم وايمانهم بالله وثقتهم بنصره أهم مصادر قوتهم
العقيدة مصدر القوة!
الذين يركزون على قراءة الواقع وحسابات القوة المادية يجهلون أهم مصادر القوة وهي العقيدة، فالذي يقاتل وهو يعتقد أنه سينتصر بقوة الله تملأ نفسه قوة أكبر من كل الأسلحة التي يتفاخر بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويستخدمها في إثارة الخوف، بينما يملأ الرعب نفوس جنوده المدججين بالسلاح والمتحصنين في دبابات الميركافا التي يدعي أنه “لا مثيل لها في هذا العالم”.. لكن المقاتل المسلم يعتلي سطحها ليضع عليه عبوة متفجرة، أو يحرقها باستخدام ولاعة “ قداحة”.. ماذا يعني ذلك؟!
إن الأمة يجب أن تعد مقاتليها بالعقيدة والايمان بالله والثقة في نصره، وبأنهم يدافعون عن الحق، ويكافحون لتحقيق هدف عظيم هو تحرير فلسطين كمقدمة لتحرير البشرية كلها.
نفسية هذا المقاتل الذي حفظ القرآن، وملأ الإيمان قلبه، وامتلك شجاعة القلب والضمير أكثر قوة من كل الأسلحة الأمريكية التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والحضارة، لكن الجندي الإسرائيلي لا يستطيع أن يقاتل رجلا لرجل.
المؤمنون يعدون عدتهم، ويأخذون بالأسباب، ويستخدمون عقولهم، ويديرون الصراع بتخطيط استراتيجي طويل المدى، ويبتكرون أسلحة جديدة، ويطورون الصواريخ والقنابل، ويستخدمون الإعلام لكسب العقول والقلوب، ويقاتلون ببطولة وشجاعة وشهامة ورجولة، لكن عقيدتهم وايمانهم بالله وثقتهم بنصره أهم مصادر قوتهم، وهذه المعركة بداية لتحرير فلسطين، والأمة الإسلامية كلها ستعود قريبا إلى عقيدتها وهويتها وايمانها وثقتها بنصر الله، وبذلك ستقود تغييرا عالميا، وستبني المستقبل.
أما أبطال المقاومة الإسلامية في فلسطين؛ فمن أهم انجازاتهم أنهم أعادوا الوعي للأمة الإسلامية التي ستذكر فضلهم وتضحياتهم وتفخر بشجاعتهم وبطولتهم؛ عندما تحقق مجد تحرير فلسطين كمقدمة لبناء عالم جديد ينعم فيه الانسان بالحرية والعدل والكرامة، والحق في عبادة الله وحده.

اترك تعليقاً