You are currently viewing إسرائيل.. و»مكابرة» المهزوم كل يوم

إسرائيل.. و»مكابرة» المهزوم كل يوم

كتب د.هشام الحمامي

ألف حزن وحزن يا غزة.. ألف حزن وحزن يا كل أم، ويا كل أب، ويا كل طفل، ويا كل أخ، ويا كل أخت.. حزن على أحزان، وحزن من أحزان، وحزن يعلو على كل الأحزان..
لكنه “الشرف الرفيع” والدم الذي يسيل على جوانبه، صونا وحفظا.. لكنه أيضا وبحق؛ البشرى التي كانت في رؤيا يوسف، ويقين أبيه “الباكي الحزين”، بلقائه وتمكينه في الأرض.. وبحق البشرى التي كانت في إسراء ومعراج الحبيب الأحب إلى القدس والسماء، لدى عودته دامي القدمين من تلك المدينة بعد شكواه إلى ربه “قلة حيلته”.. وبحق وعده لصاحبه “لا تحزن” وهو خارج مهاجر.. وبحق كل حق، حقت به السماوات والأرض، لتنتصرن غزة..
وليجبُرنّ الله القوي العزيز خاطر وروح ملياري مسلم، تعلقت قلوبهم بهذا الذي كان من غزة، مما جعل هذا اليائس وزير دفاع أمريكا لويد أوستن، يخرج إلى العالم غاضبا غامضا ليقول “لن نسمح لحماس بالانتصار”.
* * *
هناك كلام آخر ممن هو أقرب وأعرف، إنه “برهام مائير” الخبير العسكري بقناة 12 الإسرائيلية، الذي قال: علينا أن نعترف بأن “حماس” قد انتصرت!! والاستمرار في المكابرة، سيؤدي إلى “السقوط الكبير” للجيش الإسرائيلي.. وحقا قال.. فالطائرة لا تحقق نصرا.. النصر عند المسافة صفر.
* * * المقاومة مع كل صمودها الميداني وأدائها العسكري المذهل.. لديها أهم رقم في المعادلة كلها الآن، الرقم الذي إن شاء الله سيُخرج إسرائيل مهزومة منكسرة، وبكل أشكال الهزيمة، المعنوية والعسكرية.. إنهم الأسرى العسكريون من الضباط ذوي الرتب المتوسطة والعالية، والجنود
صصلو قالها غيرك يا لويد أوستن.. أنت رجل عسكري مخضرم، خلفك 48 سنة من التاريخ العسكري.. منها أهم سنين عمرك في العراق منسحبا و”تسحب” معك آخر جندي من العراق (15 كانون الأول/ ديسمبر 2011م)..
يا سيادة الجنرال الركن، انسَ تدمير البيوت والمدارس، والمساجد والكنائس، والقتل اليومي للمئات.. ولكني فقط أهمس في أذنك بما قاله برهام مائير في نفس اللقاء التلفزيوني منذ سبعة أيام (3 كانون الأول/ ديسمبر): خلال 24 ساعة تم تدمير 25 آلية. وإذا فرضنا قتل 3 جنود في كل آلية، فالعدد 75 جنديا، وهي خسارة لم تتعرض لها إسرائيل في تاريخها..
وإلى جبل هرتسيل ذهبوا.. ليرقدوا بعد موت دنيء، إلى جوار أضعاف أضعافهم، من يوم “حطين الثانية” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.. كل ساعة ونصف جنازة في مقبرة هرتسيل..
المقاومة مع كل صمودها الميداني وأدائها العسكري المذهل.. لديها أهم رقم في المعادلة كلها الآن، الرقم الذي إن شاء الله سيُخرج إسرائيل مهزومة منكسرة، وبكل أشكال الهزيمة، المعنوية والعسكرية.. إنهم الأسرى العسكريون من الضباط ذوي الرتب المتوسطة والعالية، والجنود، وتتردد أنباء أيضا عن وجود محتجزين أمريكيين (ما بين 10 إلى 15)..
وتجربة فجر الجمعة (8 كانون الأول/ ديسمبر) الفاشلة، ومحاولة تحرير أحد الأسرى، ومقتل وإصابة أفراد القوة الخاصة المنفذة والأسير أيضا، كافية وكاشفة بما يكفي عن صورة الموقف العسكري في آخر دلالاته، وبوضوح بالغ. * * *
أبسط العسكريين فهما وإدراكا، لما سيكون مما كان ولما سيأتي مما أتى، سيعرف بسهولة سهيلة أن الموضوع منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر وهو يجرى في سياق آخر تماما، سياق يختلف كليا عن “الرواية القديمة” في حكايات القتال والمعارك الشرق أوسطية/ العربية، سياق يمحو كل ما حدث من سنة 1948م، وعلى كل مستويات “المحو”: تسليح وقتال ومعلومات ومخابرات
المدهش أن أبسط العسكريين فهما وإدراكا، لما سيكون مما كان ولما سيأتي مما أتى، سيعرف بسهولة سهيلة أن الموضوع منذ يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر وهو يجرى في سياق آخر تماما، سياق يختلف كليا عن “الرواية القديمة” في حكايات القتال والمعارك الشرق أوسطية/ العربية، سياق يمحو كل ما حدث من سنة 1948م، وعلى كل مستويات “المحو”: تسليح وقتال ومعلومات ومخابرات، والمدهش أن “إسرائيل/ الغرب” لا زالوا في غفلة المكابرة ، والمدهش أكثر أن ما حدث ويحدث “حالة دالة” في نموذج متكامل، صغير جغرافيا، عظيم تاريخيا، ليس هذا فقط، بل بالغ التركيز، بالغ الدقة، بالغ التوفيق.
وإذا جاز القياس على القياس، وكانت الجيوش العربية، جيوش “ما بعد” الدولة الوطنية القومية، على جزء من مائة جزء مما عليه واقع الحال القسامي الحمساوي الغزاوي الفلسطيني، لما كان ما كان في سالف الأوان والأزمان.. أزمان العزة والكرامة، أزمان يا أهلا بالمعارك، معارك الإذاعات والميكروفونات.
* * *
دعونا ننعم بإعادة الإحياء والتجديد لخلايا “الثقة والكرامة والشرف” فينا، والتي شهدت من السحق والاندثار والتآكل على مدار العمر المديد لهذه “الدولة الوطنية القومية”، والتي ما كانت تحمل من صفات اسمها الثلاثي هذا إلا “تاء التأنيث” الأخيرة!!.. مع الاعتبار والاحترام لفكرة الدولة، وفكرة الوطنية، وفكرة القومية.. إذا وجدت من يحملها، ويقوم بها وبحقها وحق حملها، كما حمل ريشيليو/ فرنسا “الدولة”، وكما حمل غاريبالدي/ إيطاليا “الوطنية” وكما حمل بسمارك/ ألمانيا “القومية”..
أما ما رأينا من “دولة” صدّام و”وطنية” علي صالح و”قومية” القذافي.. فسحقا سحقا.. فالثلاثة على فكرة كانوا تلاميذ نجباء في مدرسة “الزعيم الخالد”.. صاحب “أمجاد يا عرب أمجاد”..
لعل كل ذرة تراب من غزة، وكل قطرة دم من أهل غزة، وكل حجر من بيوت غزة، تتذكر صاحب الأمجاد المجيدة هذه الأيام، بحق ما تكون الذكرى استحقاقا على رأس كل من يستحق، إن ثناء وشكرا، فثناء وشكر.. وإن لعنا وسبّا، فلعن وسب
ولعل كل ذرة تراب من غزة، وكل قطرة دم من أهل غزة، وكل حجر من بيوت غزة، تتذكر صاحب الأمجاد المجيدة هذه الأيام، بحق ما تكون الذكرى استحقاقا على رأس كل من يستحق، إن ثناء وشكرا، فثناء وشكر.. وإن لعنا وسبّا، فلعن وسب..
لقد مضى وقت الكذب المجاني، والدجل المجاني، والتواطؤ المجاني.. هناك فواتير تاريخية.. وإن تأخر سدادها ألف يوم ويوم، فلها يوم.
* * *
لكن هناك جولة أخرى أكثر أهمية وأكثر قيمة ومعنى من المعنى، جولة “الأسرى العائدين” إليهم..
لقد طار طائر عقلهم، من مشاهد التقدير والحفاوة التي ظهرت من الأسرى، وهم يودعون الفرسان..
و”العيون لا تكذب..” كما قال معلق “سي إن إن”، وقد رأيناهم ورآهم العالم كله.. ليس فقط في لحظة “باي مايا..”، ولكن في اللحظات والساعات الآجلة والآتية.. الساعات الأطول تأملا وتفكيرا في شأن هؤلاء الفرسان، وروحهم وأخلاقهم وقوتهم .. وسيكشفون لمن حولهم هناك، عن أسرار الينابيع الرائعة التي رأوها وعاشوها بينهم.. وضوء الأزمنة التي تتأهب الدنيا لها من ضوئهم..

اترك تعليقاً