ستلتزم كندا بكافة الأحكام التي ستُصدرها محكمة العدل الدولية في الدعوى التي قدّمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب ’’إبادة جماعية‘‘ بحق سكان قطاع غزة الفلسطيني في حربها ضدّ حركة حماس المسيطرة على القطاع.
هذا ما أوضحه مسؤولون في وزارة الشؤون العالمية في أوتاوا لشبكة ’’سي بي سي‘‘ (خدمة هيئة الإذاعة الكندية بالإنكليزية) الإخبارية أمس، بعد أيام من الارتباك في أعقاب التصريحات الشفهية والخطية الصادرة يوم الجمعة عن رئيس الحكومة جوستان ترودو ووزيرة خارجيته ميلاني جولي.
وقُدِّمت تصريحات ترودو وجولي بشكل خاطئ على نطاق واسع في وسائل الإعلام الرئيسية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، إذ فُسِّرت بأنها ترفض الدعوى التي قدّمتها جنوب إفريقيا وتقف إلى جانب إسرائيل.
في الواقع، تجنّب ترودو وجولي، بعناية، في تصريحاتهما رفض دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أو تأييدها.
وطال الارتباك أحد وزراء الحكومة وبعض نوابها، وكذلك القنصلية العامة لإسرائيل في تورونتو.
واتفقت المنظمات المؤيدة لإسرائيل وتلك المؤيدة للفلسطينيين على أنّ الطريقة التي قدّمت بها الحكومة موقفها تعكس سوء إدارة.
’’الأمر يتجاوز الارتباك. أعتقد أنه فشلٌ تام في الاتصالات‘‘، قال مايكل بوكرت من منظمة ’’كنديون من أجل العدالة والسلام في الشرق الأوسط‘‘ (CJPME / CJPMO) التي دعت كندا إلى إعلان دعمها لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.
’’عندما استمعنا جميعاً إلى كلمات ترودو، ليس نحن فقط بل الجميع، من كافة أطراف النقاش، كان من الواضح تماماً، أو بدا أكثر من واضح للجميع، أنّ الأمر كان رفضاً لمطالب جنوب إفريقيا‘‘، أضاف بوكرت.
’’لم يبدُ الأمر محايداً. بدا وكأن كندا اتخذت موقفاً واضحاً‘‘، أكّد بوكرت، مكرراً أنّ هذا ما فهمه مؤيّدو دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل وداعمو إسرائيل على السواء.
نائب رئيس ’’المركز الاستشاري للعلاقات اليهودية والإسرائيلية‘‘ (CIJA) للشؤون الخارجية، ريشار مارسو، قال إنه يريد أن يرى كندا تدعم إسرائيل في هذه الدعوى التي قدّمتها جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية.
’’لقد واجهتُ بالتأكيد مشكلة في فهم موقف (الحكومة الكندية)، وأعلم أني لستُ الوحيد في ذلك‘‘، قال مارسو الذي أصدرت منظمته بياناً يوم الجمعة شكرت فيه الحكومة الكندية على موقفها.
ويبدو أنّ مصدر الارتباك هو استخدام عبارة ’’لا يعني‘‘ من قبل كلّ من رئيس الحكومة الكندية ووزيرة خارجيته.
’’إنّ دعم كندا الثابت للقانون الدولي ومحكمة العدل الدولية لا يعني أننا نقبل مقدّمات الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام المحكمة‘‘، كتبت جولي يوم الجمعة، ’’سنتابع عن كثب إجراءات دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية‘‘.
واستخدم ترودو التعبير نفسه عندما سُئل عن الموضوع نفسه في مؤتمر صحفي عقده في مدينة غويلف في مقاطعة أونتاريو، يوم الجمعية أيضاً.
’’إنّ دعم العملية والمؤسسة لا يعني في حد ذاته أننا نؤيد مقدّمات الدعوى التي قدّمتها جنوب إفريقيا‘‘، أجاب ترودو الصحفيين.
وقالت مصادر في الحكومة الفدرالية لـ’’سي بي سي‘‘ إنّ تصريحات ترودو وجولي تمّت صياغتها بشكل يشير إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يفترض أنّ الحكومة الكندية تدعم دعوى جنوب إفريقيا لمجرّد أنها تدعم استماع محكمة العدل الدولية للدعوى.
وأضافت المصادر أنّ الحكومة لم تُرِد أيضاً إعطاء إشارة بأنها ترفض مزاعم الإبادة الجماعية بشكل قاطع.
لكنّ موقف الحكومة سرعان ما تمّ اختصاره على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض التقارير الإخبارية أيضاً، بحذف عبارة ’’لا يعني‘‘ منه، وهذا ما أدّى إلى ارتباك في فهم موقف الحكومة.
(نقلاً عن موقع ’’سي بي سي‘‘، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)