You are currently viewing سيّدنا أيوب عليه السّلام

سيّدنا أيوب عليه السّلام

الحمد لله نحمدة ونستعينه ونستغفرة ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل لة ، ومن يضلل فلا هادى لة ، وأشهد أن لا الله ألا الله وحدة لا شريك لة ، وأشهد أنَّ محمد رسول الله. رجلٌ من ذرّية سيّدنا يوسف عليه السّلام، إنّه سيّدُنا أيّوب عليه السّلام: كانَ رجلاً طيّباً تَزوّج من فتاةٍ إسمها “رحمة” هي أيضاً من ذرّية يوسف عليه السّلام. عاشَ الزوجانِ سعيدَين بحياتِهما، وكانا مؤمنينِ بالله ورُسُلهِ ، اللهُ سبحانه أنعَمَ على أيوبَ ورَزَقَهُ أولاداً وبَناتٍ ، وكانت عنده أرضٌ واسعةٌ مليئةٌ بالحُقولِ والمَراعي ، وتَرعى فيها قِطْعانُ المَاشيةِ مِن بَقَرٍ وأغنامٍ وماعز. كانَ أيوبُ يَعبُدُ اللهَ وحدَهُ لا يُشرِكُ به أحَداً ، فهو على دِينِ آبائه إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوب ، وذاتَ يومٍ هَبَطت الملائكةُ وبَشَّرته بالنبوّةِ ، وسَجَدَ أيّوبُ للهِ شُكراً. كلُّ الناسِ كانوا يُحبّونَ أيّوب.. الرجلَ الطيِّبَ الذي أكرمَهُ اللهُ بالنبوّة. سيّدُنا أيوبُ كانَ يُحبُّ الفقراءَ ، كانوا يَقصدونَ منزلَ أيوبَ مِن مناطقَ بعيدة ، وكانوا يَعودونَ إلى ديارهِم وهم يَحمِلونَ مَعهم الطعامَ والكِساءَ ، الناسُ أحَبّوا نبيَّ اللهِ أيّوبَ ، الذي لا يَرُدُّ أحداً ولا يَمُنُّ على أحد، الناسُ كانوا يُحِبّونَ أيوبَ النبيّ.. لأنّه مؤمنٌ باللهِ يَشكرُ اللهَ على نِعَمِه.. ويُساعدُ الناسَ جميعاً.. لم تُبطِرْهُ الأموال، من مَزارعَ وحُقولٍ وماشيةٍ وأولادٍ كثيرين….كانَ يُمكنهُ أن يعيشَ في راحة ، ولكنّه كانَ يَعملُ بيدهِ ؛ وزَوجتُه رحمةٌ هي الأخرى كانت تَعمل.. كانا يعتقدانِ أنّ كلَّ ما عندَهما هو من الله سبحانه ؛ لهذا كانا يَذكُرانهِ دائماً ويَشكُرانهِ كثيراً..الناسُ أحبُّوه واعتَقدوا أنّه رجلٌ مُبارَك، وأنه نبيٌّ من أنبياءِ الله لهذا آمَنوا باللهِ. الشيطانُ حسَدَ سيدنَا أيوّب، أيوبُ يريدُ الهدايةَ والخيرَ للناس، والشيطانُ يريدُ لهم الشُّرورَ والضَّلال، لهذا راحَ يُوَسوِسُ للناسِ، يقولُ لهم: إنّ أيوبَ يَعبدُ اللهَ لأنّهُ يخافُ على أموالهِ وحُقولهِ أن يأخُذَها منه… لو كانَ أيوبُ فقيراً ما عَبدَ الله ولا سَجَدَ له…. تَغَيرّت نَظرتُ الناس إلى أيوبَ: إنّه يَعبدُ اللهَ لأنّ الله أنعَمَ عليهِ ورَزَقهُ وهو يَخافُ مِن أن يَسلبَهُ نِعمتَه. الله سبحانه أرادَ أن يُظهِرَ للناسِ كذبَ الشيطان.. وأرادَ أن يُظهرَ للناسِ صدقَ أيّوبَ وصبرَهُ وإيمانَه.. لهذا بَدَأت المِحنة.. سوف تَحلُّ بأيوّبَ المَصائبُ الواحدةُ بعد الأخرى… لِنرَى مدى إيمانِ سيدِنا أيوّبَ وصبرِه ، فجأةً جاءَ أحدُ الرُّعاة مَبهورَ الأنفاس..هَتَف اينَ نبيُّ الله أيّوب ؟ !!ـ ماذا حَصَل ؟! تَكَلّمْ ـ لقد قَتَلوهُم.. قَتَلوا جميعَ رِفاقي.. الرُّعاةَ والفَلاّحين… جَميعهم إنّ اللهَ سبحانَهُ شاءَ أن يَمتَحِن أيوبَ.. يَمتحنَ إيمانَهُ بِرَبِّ العالَمين.. أيَصبِرُ أم يَكفُر ؟ في اليومِ التالي حَدَثَ أمرٌ عجيب.. تَجَمّعت سُحُبٌ سَوداء في السماء.. وانفَجَرت الصَّواعِقُ ودَوَّت الرُّعود… وجاء أحدُ الفلاّحين.. كانت ثيابهُ مُحترقةً وجهُه أسوَد من الحرُوقِ والدُّخان.. هتَفَ سيدُنا أيوب.. ماذا حَصَل ؟ـ النار! يا نبيَّ اللهِ النار!!قال: أهِي مُصيبةٌ أخرى ؟! نعم يا نبيَّ الله، لقد احترَقَ كلُّ شيء. نظرَ أيوبَ إلى السماء وقال بِضَراعة: إلهي، امنَحْني الصَّبر… أمَرَ سيدُنا أيّوبُ الخَدَمَ والعبيدَ بمغادرةِ مَنزلهِ.. قالَ لهم : عُودوا إلى أهليكم أو ابحَثوا عن مكانٍ آخر، إنّ الله سبحانه يَمتَحِنُني. قالَ أحد منهم :نَعملُ على إصلاحِ الحقولِ والمَزارع… إنّني لا أُحبّ أن أُفارِقَكَ. لا تنتهي محنة أيوب عند هذا الحد.. محنةً أخرى.. لقد ماتَ جميعُ أولادِه وبناته، لم يَبقَ معه سوى (رحمة) زوجتهِ الطيّبة ، أصابه المرض وتقرّح جِلُده ، بعد ذلك أيضاً ابتُليَ أيّوب في جسده فزاد ابتعاد الناس عنه خوفاً من العَدوىِ…نَظَر أيوبُ إلى السماءِ الزاخرةِ بالنجوم يا الله… أعرِفُ أنكَ مصدرٌ للخيرِ كلِّ الخيرامنَحْني الصَّبر-الشيطانُ فَرَّ بعيداً..لا شيءَ يُرهِبُ الشيطانَ أكثرَ مِن ذِكرِ الله.. سيّدنُا أيوبُ لا يزدادُ على البلاءِ إلاّ صبراً. أهالي حُورانَ أصْغَوا لوسوسةِ الشيطانِ ، قالَ رجلٌ منهم نَظُنُّ أن اللعنةَ قد حَلَّت بك ، ونخافُ أن تَعُمَّ القريةَ كلَّها.. فاخرُجْ من قَريتِنا. قال لهم أيوبُ: إنّ كانت هذه مَشيئتُك فسَأخرُجُ من القرية ، وأسكُنُ في الصحراء ،ما حَدَث لي هو امتحانٌ. زوجتهِ الوفيّة.. وحدَها كانت تُؤمن بأن أيوبَ في محنةٍ تُشبهِ محنةَ الأنبياءِ ، ونظر أيوب إلى السماء وقال إلهي أنا راضٍ بقضائك… بِيدِكَ الخيرُ إنّك على كلِّ شيء قدير، إلهي بيدِك شفائي.. بيدكَ مَرَضي. ورأى أيّوبُ مَلاكاً يَهبِطُ من السماءِ ويقول له السلامُ على أيّوبَ أعزعبادِ الله.. نِعْمَ العبدَ أنتَ يا أيّوب ، إنّ الله يُقرئك السلامَ ويقول: لقد أُجِيبَت دَعوتُك ، وأنّ الله يُعطيكَ أجرَ الصابرين. إضرِبْ برِجْلكَ الأرضَ يا أيّوب! واغسِلْ في النَّبعِ المقدّس ، وشَعَرَ أيوبُ بالنور يُضيء في قلبهِ ، فضَرَب بقدمهِ الأرض ، فجأة انبثَقَ نبعٌ باردٌ عَذبُ المَذاق.. ارتَوى أيّوبُ من الماءِ الطاهر، وتَدفَّقت دماءُ العافية في وجهه ، وغادَره الضعفُ تماما. عادَت رحمة تَبحَثُ عن زوجِها ، فلم تَجِدْه ، ووَجَدَت رجلاً يَفيضُ وجهُه نعمةً وصِحّةً وعافية. فقالت له باستعطاف ـ ألم تَرَ أيوب.. أيوبَ نبيَّ الله ؟ أنت ؟! إن زوجي رجلٌ عجوزٌ وضعيف.. نعم يا رحمة ، لقد شاءَ اللهُ أن يَمُنَّ علَيَّ بالصحةِ والعافية، وأن تَنتهي مِحنتُنا. المَرَضُ من الله ، والصِّحَّةُ والسلامةُ منه أيضاً.. وهو سبحانه بيده كلُّ شيء، الله امتحنَ أيوبَ لِيَعبدَهُ عبادةَ الصبرِ، كما عَبَدهُ عبادةَ الشُّكر من قبل. للهُ سبحانه أرادَ للناسِ أن يَعرفوا أنْ المَرَضَ والصحةَ مِن اللهِ ، وأن الفقرَ والثَّراءَ.. من الله. “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ”سورة الأنبياء: 84 -83. ضُربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام.. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) – اللهم اجعلنا عند البلاء من الصابرين ،واجعل المجاهدين إخواننا فى فلسطين من الصابرين كصبرأيوب عليه السلام ، اللهم ثبت أقدامهم ، اللهم قوي عزائمهم ، اللهم صبرهم على مصيبتهم ، اللهم تقبل شهداءهم ، اللهم إنا لا نملك إلا الدعاء، فهذا دعاؤنا لإخواننا في غزة وفلسطين ، اللهم انصرهم على أعدائهم ، اللهم عليك باليهود الصهاينةالحاقدين ، اللهم مزقهم كل ممزق ، واجعلهم آية لغيرهم يارب العالمين. ‏رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ، اللهم أصلح أحوال المسلمين وارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة ، اللهم أحسن خاتمتنا وأعنا على طاعتك ، فنسأل الله ان يتقبلنا جميعا في فسيح جناته اللهم أدْخلنا الفردْوس الأعْلى بغير حساب ولا سابقة عذاب ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ- اللهم آمين- وإلى اللقاء بقلم أم تامر المصري

اترك تعليقاً