RCI : يجد عدد من الخبراء والمنظمات المعنية في كندا بأن الوضع المتعلق بتعاطي الوافدين الجدد المخدرات غير معروف ويتطلب الأمر جمع بيانات أفضل لتقديم رعاية تتكيف مع خصوصياتهم الثقافية.
لم يكن قد مضى على وصوله إلى كندا 17 يوما عندما بدأ علي، الطالب الأجنبي القادم من تركيا، بتعاطي حقن الكريستال ميث أو الميثامفيتامين، وهو أخطر أنواع المخدرات.
يقول علي: ’’لقد كنت وحيدا، تراودني فكرة الانتحار‘‘.
يضيف الشاب ابن الثلاثة والعشرين عاما الذي يتماثل اليوم للشفاء من الإدمان، بأنه كان يستخدم حقن الكريستال ميث بشكل متقطع منذ وصوله إلى مدينة ساسكاتون في مقاطعة ساسكاتشوان عام 2022.
ويأسف هذا الشاب لعدم توفر خدمات الصحة العقلية والرعاية الصحية بلغته وثقافته.
بدوره مرّ اللاجىء السوري رضا الذي يعيش أيضا في ساسكاتون بتجربة مماثلة. يبلغ رضا 32 عاما ويشغل عدة وظائف سعيا لإرسال الأموال إلى عائلته في الخارج.
يشرح رضا الصعوبة التي يواجهها لإيجاد عمل في المدينة الكندية، ويضيف قائلا: ’’أنا لا أتحدث الانجليزية جيدا ولا أعرف الكثير من الناس…إن العزلة الاجتماعية هنا لعنة مستمرة‘‘. وقد وجد هذا الشاب في تعاطي المخدرات ’’وسيلة جيدة لنسيان مشاكله‘‘، على حد تعبيره.
يحرص القسم الإنجليزي في هيئة الإذاعة الكندية الذي قام بإعداد هذا التقرير على عدم ذكر الأسماء الكاملة للأشخاص الذين حاورهم، بسبب وصمة العار في مجتمعاتهم الأصلية المرتبطة بالإدمان على المخدرات والأمراض العقلية.
لا يدعو الخبراء الكنديون إلى تحسين جمع البيانات الخاصة بالمدمنين فحسب، بل يدعون أيضا إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بالحقائق التي تدفع الوافدين الجدد إلى تعاطي المخدرات، وتوفير الرعاية الخاصة لهم بلغتهم وثقافة بلدانهم الأم من أجل مساعدتهم على الاقلاع عنها.
تجدر الإشارة إلى أنه سجلت في مقاطعة ساسكاتشوان في وسط الغرب الكندي العام الماضي 484 حالة وفاة مؤكدة أو مشتبه بها بعد تعاطي جرعة زائدة من المخدرات.
يرأس أنطوني أولوسولا الإدارة التنفيذية في مؤسسة ’’ Truly Alive Youth and Family Foundation‘‘، وهي منظمة تخدم السكان الأصليين والمهاجرين والمجتمعات المتنوعة الأخرى في ساسكاتون.
يذكر أولوسولا أن المنظمة شهدت ’’زيادة ملحوظة‘‘ في تعاطي المخدرات بين الوافدين الجدد، بما في ذلك الطلاب الأجانب.
يقول المتحدث ’’إن هؤلاء يصلون أحيانًا إلى كندا وهم يعانون من الصدمة، ليواجهوا قلق بناء حياة جديدة، بينما يحاولون إعالة أسرهم‘‘. ويشير أولوسولا إلى أن التضخم وارتفاع الرسوم الدراسية الدولية يزيد من تفاقم التحديات التي يواجهونها.
يضيف أولوسولا قائلا: ’’كل هذا يقودهم إلى مكان يلجأون إليه […] لسوء الحظ، يلجأون إلى استهلاك المواد الأفيونية والمخدرات‘‘.
من جانبه، يؤكد مدير الموارد البشرية والعمليات في ’’جمعية الباب المفتوح‘‘ (Open Door Society) غير الربحية في ساسكاتون، سلطان علي السادات، ’’أن الشباب الذين يستقرون هنا بمفردهم يكافحون من أجل البقاء‘‘.
يتجاوز عدد كبير منهم سن الثانية والعشرين، يتابع المتحدث، فيتعذر عليهم الالتحاق بالمدرسة الثانوية. كذلك فإن دراساتهم السابقة لا يتم الاعتراف بها في كندا في بعض الأحيان، أضف إلى ذلك أن الكثير منهم لديهم مستوى منخفض في اللغة الإنجليزية.
هذا ويشير سلطان علي السادات إلى وصمة العار المتعلقة بمشاكل الصحة النفسية والعقلية في العديد من الثقافات. ’’من هنا وجوب إيجاد رعاية تتكيف مع ثقافة الوافدين الجدد‘‘.
يخلص سلطان علي السادات إلى القول: ’’يجب أن نركز على الوقاية أكثر من رد الفعل. يجب أن يشعر الناس ليس أنهم قادرون على العمل في المجتمع الكندي فحسب، ولكن أيضا أنهم ينتمون إليه، حتى لا يتلاشى حلمهم بالعيش هنا‘‘.
مزيد من البيانات لمعالجة المشكلة
أجرى الأستاذ المساعد في كلية التمريض في جامعة ساسكاتشوان جيفري ماينا، أبحاثا متعلقة بتعاطي المخدرات في صفوف بين الوافدين الجدد عام 2021. ووفقا له، فإن هناك ثلاثة عوامل تساهم في زيادة خطر تعاطي المخدرات.
العامل الأول هو الضغوط المرتبطة بالهجرة إلى كندا، والعامل الثاني هو الصعوبات المرتبطة بالاستقرار، مثل العنصرية والصدمة الثقافية وعدم الاعتراف بالشهادات والعامل الثالث هو توافر المخدرات.
يأسف الأستاذ الكندي لعدم وجود بيانات حول هذه الظاهرة، حيث لا تقوم هيئة الإحصاء الكندية ولا الشرطة الكندية ولا مكتب الطب الشرعي أو السلطات الصحية في ساسكاتشوان بجمع البيانات على أساس العرق فيما يتعلق بالمخدرات.
يقول جيفري ماينا: ’’لا نعرف حجم المشكلة، ولكنني أقول إنها قد تكون أكبر مما نعتقد‘‘.
(المصدر: القسم الانجليزي لهيئة الإذاعة الكندية، راديو كندا، إعداد وترجمة كوليت ضرغام)