RCI : أضفت إدارة المدرسة الفرنسية الدولية للمقاطعات الأطلسية (LIFPA) في وقت سابق من الشهر الحالي الطابع الرسمي على مشروع بناء مدرسة في هاليفاكس، كبرى مدن المقاطعات الكندية الأطلسية، التي أكّد عمدتها، مايك سافاج، أنّ الحضور الكبير للكنديين اللبنانيين فيها لعب دوراً في إبصار هذا المشروع النور. ومن المقرر أن تفتح المدرسة أبوابها بداية العام الدراسي المقبل، في أيلول (سبتمبر) 2024.
مسيرة وصول المدرسة الفرنسية الدولية إلى المقاطعات الأطلسية مليئة بالتقلبات. ففي البدء وقع اختيار المروجين للمدرسة على سانت جون، ثانية كبريات مدن مقاطعة نيو/نوفو برونزويك. لكن بعد الكثير من المماطلة، تمّ في النهاية اختيار عاصمة مقاطعة نوفا سكوشا.
وعندما استُشير في بداية المشروع، أيّد قنصل لبنان الفخري في هاليفاكس وديع فارس بقوة ترشيح عاصمة نوفا سكوشا لتكون مقرّ المدرسة الجديدة.
وعندما أعلنت جمعية ’’دون بوسكو موبيليتيه الدولية‘‘ (Don Bosco Mobilités Internationales)، التي تقود المشروع، عن رغبتها في بناء المدرسة في سانت جون، تساءل فارس: ’’لماذا لا تفتح الجالية اللبنانية (في هاليفاكس) مدرسة خاصة بها؟‘‘.
مشروع لاقى ترحيباً
نصب المغترب اللبناني في هاليفاكس، وقد أزاح عنه الستار بطريرك أنطاكيا وسائرِ المشرق للكنيسة السُريانية المارونية الكاردينال بشارة بطرس الراعي يوم السبت 22 أيلول (سبتمبر) 2018.
وعندما تمّ التخلي عن فكرة إنشاء المدرسة في سانت جون بسبب تكاليف البناء المرتفعة، اتصلت جمعية ’’دون بوسكو‘‘ والسفارة الفرنسية بقنصل لبنان الفخري مجدداً.
’’بفضل منصبي ومن أجل مصلحة جاليتنا، ساعدتهم في تأمين المكان (للبناء) مع مالك عقاري، وهو صديق لي‘‘، قال القنصل الفخري وديع فارس لراديو كندا في مكتبه الواقع في مقر شركة البناء الخاصة به في هاليفاكس. وأضاف فارس أنّ لديه ’’اعتقاداً راسخاً‘‘ بأنّ بناء هذه المدرسة الفرنسية في هاليفاكس يشكل ’’إضافة رائعة لنظام التعليم لدينا في نوفا سكوشا‘‘.
“نحن جالية متماسكة جداً ونريد الحفاظ على ثقافتنا وقيمنا المتمحورة حول الأسرة، وأعتقد أنّ هذه المؤسسة (التعليمية) الفرنسية ستساعدنا في ذلك.”نقلا عن وديع فارس، قنصل لبنان الفخري في هاليفاكس
ووفقاً لوديع فارس، ستقدّم المدرسة الفرنسية الدولية للمقاطعات الأطلسية موادّ باللغة الفرنسية، ولكن أيضًا باللغتيْن الإنكليزية والعربية، بالإضافة إلى تعليم ديني.
ومن المتوقع افتتاح المدرسة للعام الدراسي 2024 – 2025 في مبنى بالقرب من ’’مركز طريق بايرز‘‘ (Bayers Road Center) التجاري.
وستكون هذه تاسع مدرسة ثانوية فرنسية في كندا وفقاً لوكالة التعليم الفرنسي في الخارج (AEFE).
وفي عام 2023 كانت شبكة التعليم الفرنسية الدولية هذه تضمّ 580 مدرسة موزّعة على 139 دولة.
وكانت هذه المدارس تضمّ 391.000 طالب، أكثر من 60% منهم لا يحملون الجنسية الفرنسية.
ووديع فارس نفسه كان تلميذاً في مدرسة فرنكوفونية في لبنان، تُدرّس بالفرنسية والعربية، رغم أنه اليوم، وبعد مرور أكثر من 40 عاماً على إقامته في نوفا سكوشا، في بيئة ناطقة بالإنكليزية، كاد أن ينسى لغته الأم، العربية.
جالية ذات نفوذ اقتصادي
الكنديون اللبنانيون من الجاليات الكبيرة في كندا. ’’يشكلون إحدى أكبر الجاليات ذات الأصل العربي‘‘، يؤكّد المؤرِّخ الدكتور جان راسكا، أحد أمناء المتحف الكندي للهجرة على الرصيف 21 (Canadian Museum of Immigration at Pier 21).
يُشار إلى أنّ الرصيف ذا الرقم 21 في مرفأ هاليفاكس استقبل نحو 1,5 مليون مهاجر قدموا إلى كندا بحراً بين عاميْ 1928 و1971، وتحوّل عام 2009 إلى متحف وطني للهجرة.
ووفقاً لراسكا، تضمّ الجالية اللبنانية في هاليفاكس قرابة 5.000 نسمة من موجات مختلفة من الهجرة.
’’كانت الموجة الأولى في ثمانينيات القرن التاسع عشر، ثم بعد الحرب العالمية الأولى‘‘، يقول راسكا، أمّا ’’الموجة الكبرى‘‘ فكانت خلال الحرب اللبنانية (1975 – 1990) وبعدها.
واليوم أيضاً لا يزال اللبنانيون يتوافدون إلى كندا بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في بلادهم.
لقطة لوسط هاليفاكس، عاصمة مقاطعة نوفا سكوشا في شرق كندا.
لقطة لوسط هاليفاكس، عاصمة مقاطعة نوفا سكوشا في شرق كندا.
الصورة: Radio-Canada / Robert Short
وتبرز الجالية اللبنانية في هاليفاكس وسائر نوفا سكوشا في عالم الأعمال، لاسيما في قطاع البناء والعقارات وفي قطاع المطاعم. وقنصل لبنان الفخري نفسه مطوّر أعمال.
’’وهذا عائد أيضاً لكون اللبنانيين تعيّن عليهم دوماً الاعتماد على النفس وعلى الأُسرة والمجتمع المحلي منذ أجيال وقرون عديدة. وهكذا، تعلّموا ألّا ينتظروا الإحسان والشفقة، وألّا يبحثوا عن الطريق السهل‘‘، قال من جهته رئيس غرفة التجارة اللبنانية في نوفا سكوشا، نورمان نحّاس.
“اللبنانيون بطبيعتهم رواد الأعمال، وهذا جزء من حمضنا النووي.”
نقلا عن نورمان نحّاس، رئيس غرفة التجارة اللبنانية في نوفا سكوشا
’’يعملون بجد ويفعلون ذلك بابتسامة، ويفكّرون في الأجيال القادمة‘‘، أضاف نحّاس.
أجيال قادمة ستستفيد إذن من افتتاح هذه المؤسسة، حسب نحّاس.
’’أنا متأكد من أنه سيكون هناك عدد كبير من أولاد الجالية في المدرسة‘‘، أضاف من جهته قنصل لبنان الفخري، على الرغم من إدراكه أنه بالنظر إلى أنّ رسوم الدراسة ستكون بحدود 15.000 دولار في السنة، فلن تتمكن كلّ العائلات من إرسال أولادها إلى المدرسة الفرنسية الجديدة.
لكن ’’سيكون لدينا منح دراسية لمساعدة الطلاب الذين لا يستطيعون دفع رسوم الدراسة‘‘، أضاف القنصل فارس.
(نقلاً عن موقع راديو كندا، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)