الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنّ لا اله الاالله وحدة لاشريك له ، وأشهد أنّ محمد رسول الله. الظلم هو مجاوزة الحق ، ووضع الشيء في غير موضعه ، وأن كل الآيات تنهى عن الظلم ، وتحذر من المصير الذي ينتظر صاحبه ، وبيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الظلم ظلمات يوم القيامة ، هذا هو النوع الأول .. والنوع الثاني: ظلم الإنسان لغيره من الناس كأكل مال اليتيم ، والثالث ظلم الإنسان لنفسه بالتمادي في ظلم الآخرين. إن كل مجتمع أياً كانت شريعته يحب أن يعيش أفراده في أمن وطمأنينة وهذا ما سعى الإسلام إلى تقريرة. العدالة في الإسلام هي إعطاء الحق لاهله وافيًا غير منقوص في قليل أو كثير، وعدم نقصانه أو زيادته على حساب الغير. قد حذرنا الرسول (ص) من الظلم وخطورته ، فقال :” اتقوا الظلم فإن الظلم ، ظلمات يوم القيامة …. “ رواه مسلم. وقال تعالى: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [الحج: 71]. دعاء المظلوم يخرج من القلب لأنه صادق فى دعائه مخلص فى توجهه. ولما بعث رسول الله (ص) معاذ بن جبل إلى اليمن زوده بالوصايا الغاليه في الدين والدنيا ومن هذه الوصايا قوله (ص) :”واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” ومعنى ذلك أن الطريق أمامها مفتوح غير موصد ، لا يصُدّها صادّ ، ولا يمنعها مانع. هذا فرعون تمادى في طغيانه ، وتجبّر في ملكه ، فأذاق بني إسرائيل صنوف العذاب ، وقتّل أبناءهم واستحيى نساءهم ، فما كان من موسى – عليه السلام – إلا أن أوضح لقومه سبيل النصر على العدو ، فقال لهم : {استعينوا بالله واصبروا}( الأعراف:128 ) ، فأمرهم باللجوء إلى الله تبارك وتعالى ، ولم يكتف بالقول ، بل أتبعه بالفعل كي يقتدي به قومه ، فرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى ، واجتهد في الدعاء على فرعون وأعوانه ، كما قال تعالى : { وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ } ( يونس:88) ، فأجاب الله دعاءه ، فما كان جزاء فرعون ؟ أغرقه الله هو وجنوده في اليم ، وما نفعه ملكه ولا جبروته ، هذا جزاؤه في الدنيا ، أما في الآخرة فليس له إلا النار ، قال تعالى :{ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}( غافر:46 ). أن هناك الكثير من صور الظلم فى واقعنا المعاصر، ويقع فيها الكثيرون ممن اعمى الله بصائرهم منها – أكل مال اليتيم ، وقد توعد الله تعالى هذا الصنف بالنار ، قال تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) النساء اَيه 10. – ظلم المرأة فى حقها وصداقها ونفقتها وكسوتها ، فيجب على الرجل أن لا يظلم امرأته فى النفقة والصداق ، بل يوفيها حقها فى كل ذلك. قال تعالى 🙁 وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ….) البقرة من الآية 231. – فالعدل صلاح للدول وعمار للبلاد وسعادة للخلق ..وضده الظلم فإنه فساد للدول وخراب ودمار البلاد. وأنه لا ناصر ولا معين للظالمين ، قال تعالى:{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}الشورى: آية 40 – قال تعالى:{إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}الأنعام من الآية 21. أن الله تبارك وتعالى لا يظلم عباده قط ، وإنما الإنسان هو الذي يهيئ الأرضية بعمله لظلم نفسه. ولهذا نزّه الله سبحانه وتعالى نفسه عنه ، فقال :{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} ( يونس44 ) ، بل وحرمه تعالى على نفسه ، كما في الحديث القدسي 🙁 يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) رواه مسلم. وللظلم عواقب سيئة على الأفراد خاصةً والشعوب عامةً ، فلا تستقيم الحياة بدون عدل ؛ لذلك حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ترسيخ هذا المبدأ لمعاذ ، وأرشده اتقاء دعوة المظلوم ، كما ورد عنه في دعائه : (…وأعوذ بك أن أَظلِم أو أُظلم ) ، نسأل الله تعالى أن يجيرنا من الظلم وأهله ، اللهم انت وحدك قادرعلى كل متسلط وظالم ومتجبر وطاغى في الأرض. اللهم عليك بالظالمين فإنهم لا يعجزونك ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، اللهم يا مجيب الدعاء ، أسألك بعزّتك وبقوتك ، أن ترينا في الظالمين عجائب قدرتك. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا. فنسأل الله عز وجل بأن يتقبلنا جميعا في فسيح جناته ،اللهم أدْخلنا الفردْوس الأعْلى بغير حساب ولا سابقة عذاب وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ- اللهم آمين- وإلى اللقاء
إعداد أم تامر المصري