You are currently viewing ((لا فضْل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى))  “صدق رسول الله”

((لا فضْل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)) “صدق رسول الله”

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا الله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد رسول الله. إن الإسلام لا يلتفت إلى الفوارق في اللون والجنس والنسب ؛ فالناس كلهم لآدم ، وآدم خلق من تراب ، وإنما يكون التفاضل في الإسلام بين الناس بالإيمان والتقوى ، بفعل ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى الله عنه. أن تفضيل العروبة هو تفضيل جنس وليس تفضيل أفراد ، فالعجمي المتقي الصالح خير من العربي المقصر في حق الله تعالى .أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع :” يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى “. فليس هناك إلا إله واحد ، والكل عبيده ، ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة  شراً يره ، ولا تنفع الأنساب يوم الحساب ، فلا تزر وازرة  وزر أخرى ولكن العمل الصالح ، فكل البشر مكلفون بحمل أمانة الخلافة على الأرض ، لإقامة الحق والعدل ، فالمسلم العربي لا يكون أفضل من المسلم الأعجمي لمجرد عربيته ، وإنما يتفاضلان بالتقوى ، فمن كان أتقى لله كان أفضل من صاحبه ، سواء كان عربيا أو أعجميا ، فالمعيار الحقيقي هو بالإيمان والعمل الصالح .قَالَ اللَّهُ تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) [الحجرات: 13].إن الذي ينظرإلى الإسلام بعينِ الإنصاف ، يتأكَّد له أنه دينٌ لا يعرف العنصريَّة مطلقًا، بل هو دين يدعو إلى التعايشِ مع جميع الناس وشتَّى الأمم على اختلاف أجناسهم وما يعتقدونه ، دينٌ عادِل؛ لا يفرِّق بين عربيٍّ ولا أعجمي، ولا بين ذكر أو أنثى، ولا بين أسود وأبيض؛ بل ذَكر ميزانَ التفضيل بينهم؛ هو التقوى. إن العنصرية معناها التَّفْرقةُ والتمييزُ في المعاملة بين الناس على أساس من الجنس، أو اللَّون، أو اللغة، أو الدِّين، أو حتى المستوى الاجتماعي والطَّبَقي، هذه العنصريَّة متأصلة في البشرية منذ القِدم. أن الإسلام حارب العنصريَّة والطبقيَّة بشتَّى أنواعها وأشكالها منذ بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أعلنَها القرآن الكريم صريحةً مدوِّية أن التفاضل بين البشر لا يكون إلا بميزان التقوى فحسب ؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]، ومن خلال السيرة أيضًا نَعلَمُ أن المسلمين تعايشوا مع غيرهم في المدينة المنوَّرة، فعقدوا صلحًا مع اليهود حتى خان اليهود عهدَهم وكتابَهم، وتصالحوا مع نصارى نَجْران، وكان من كبار الصحابةِ مَن لا ينتمي إلى العرب أصلًا، فهذا سلمان (الفارسي)، وصهيب (الرومي)، و بلال (الحبشي)، ونقولُ: رضي الله عنهم أجمعين؛ فالإيمان أزال وأذاب الفوارقَ التي تقومُ على أساسٍ من الجنس أو العِرق أو اللون. رسول الله صلى الله عليه وسلم أسس المجتمع الإسلامي على الوحدة الدينية، لا وحدة الأرض، أو وحدة اللغة كما تبين من الحديث. ففي الجنَّة ليس هناك مكان لمدَّعي العنصريَّة؛ فالله طرَد إبليسَ حين تفاخَر بأصله وقال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾ [ص: 76، 77]. فيجب أن نجعل مرجعنا في كل أمر إلى ديننا ففيه الخير في الدنيا والآخرة. فالعنصريَّة داء نسأل الله حمايتنا وإبعاده عن حياتنا، وأن يشفي من ابتُلِي به. اللهم ارحم أمة محمد رحمة واسعة. اللهم أصلح أحوال المسلمين وارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة ، اللهم أحسن خاتمتنا وأعنا على طاعتك ، فنسأل الله عز وجل بأن يتقبلنا جميعا في فسيح جناته ، اللهم أدْخلنا الفردْوس الأعْلى بغير حساب ولا سابقة عذاب ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ- اللهم آمين- وإلى اللقاء

إعداد أم تامر المصرى        

 

اترك تعليقاً