الحمدلله نحمدة ونستعينه ونستغفرة ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنّ لا الة الاالله وحدة لاشريك له ، وأشهد أنّ محمد رسول الله. هي : فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وأمها خديجة بنت خويلد ، شهدت فاطمة منذ طفولتها أحداثاً جساماً كثيرة ً، فقد كان النبي يعاني من اضطهاد قريش وكانت فاطمة تعينه على ذلك الاضطهاد وتسانده تؤازره ، كما كان يعاني من أذى عمه أبي لهب وامرأته أم جميل من إلقاء القاذورات أمام بيته فكانت فاطمة تتولى أمور التنظيف والتطهير. وكان من أشد ما قاسته من آلام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات ، فلم يكن المشركون يتركون طعاماً يدخل مكة ولا بيعاُ إلا واشتروه ، حتى أصاب التّعب بني هاشم ، وكان لا يصل إليهم شيئاً إلا مستخفياً، ومن كان يريد أن يصل قريبا له من قريش كان يصله سِراً. وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة ، ولكنّه زادها إيماناً ونضجاً. وما كادت فاطمة الصغيرة تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها خديجة فامتلأت نفسها حزناً وألماً ، ووجدت نفسها أمام مسؤوليات ضخمة نحو أبيها النبي الكريم ، ووقفت إلى جانب أبيها الرسول الكريم لتقدم له العوض عن أمها وزوجته ، لذلك كانت رضي الله عنها شديدة الحزن على أبيها عليه الصلاة والسلام ، فهي لم تعرفه إلا نبياً مرسلاً من عند الله تعالى ، وهي دون الرابعة من عمرها، فلم تكد تعي على الدنيا إلا ويملأ سمعها أحداث تبليغ الدعوة ونشرها ، وبثها بين جموع قريش ، لازمت النبي ، وشهدت كل شيء ، شاركته في كل شيء ، عانت كل شيء ، لذلك قال علماء السيرة: كانت أشد عزماً من أخواتها ، وأكثر وعياً لما جرى ، ويجري من أحداث واكبت دعوة التوحيد والإيمان . وتعد فاطمة الزهراء من ضمن النساء العربيات اللاتي عرفن بالبلاغة والفصاحة. هاجرت الزهراء إلى المدينة المنورة وهي في الثامنة عشرة من عمرها وكانت معها أختها أم كلثوم وهاجر معهم أم المؤمنين عائشة بصحبة عبد الله بن أبي بكر ، وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة. فاطمة بنت محمد مكانة عظيمة عند المسلمين بشتى طوائفهم ؛ فتجمع على أن لها شأن عند الله يفوق كل نساء العالم ، وأنها سيدة نساء العالمين وفقاً للمنظور الإسلامي ولا يشاركها تلك المكانة سوى القليل من النساء مثل مريم بنت عمران. قال رسول اللّه: “خَيْرُ نِساءِ العالَمين أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة”. فعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ (ص) مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِى مَجْلِسِهِ وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِى مَجْلِسِهَا.” سنن أبى داود. لتري كيف تكون معاملة الآباء والتودد إليهم وحسن استقبالهم إنها فاطمة بنت رسول الله (ص) سبقتنا بهذا الخلق فكانت قدوتنا في حسن التعامل مع الوالدين ، كم من الأبناء بحاجة إلى التذكير بذلك. ولنتذكرأن قدوتنا قال فيها النَّبِىُّ (ص) :« فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ » البخاري. ألا يكون ذلك حافزا لنا لنسارع إلى الإقتداء بسيدة نساء أهل الجنة فنحسن التعامل مع الوالدين. فقد توفيت فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة رضي الله عنها وأرضاها في السنة الحادية عشرة بعد أبيها نبينا محمد (ص) بستة أشهر، وهي أول أهل بيته لحوقا به، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (ص) دعا فاطمة ابنته فسارّها فبكت ، ثم سارّها فضحكت ، فقالت عائشة فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارك به رسول الله (ص) فبكيت ، ثم سارك فضحكت؟ فقالت: سارني فأخبرني بموته فبكيت ، ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله ، فضحكت. اللهم انا نسالك الجنه وماقربنا اليها من قول اوعمل ، اللهم أحسن خاتمتنا وأعناعلى طاعتك ، فنسأل الله عز وجل بأن يتقبلنا جميعا في فسيح جناته ، اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ . اللهم آمين – وإلى اللقاء
إعداد أم تامر المصري