بقلم د ياسرجعفر
الانضباط شئ محترم في كل شئ والانضباط يكون علي مستوي الفرد والاسرة والجماعه والمجتمع ولو بدأ الانضباط علي مستوي الفرد يكون كل شئ منضبط وفي طريقة للنجاح والتفوق فهناك حكمة تقول ” *اذا لم تستطع قيادة نفسك فلا تحاول قيادة الآخرين* *”
فاالانضباط يبدأ من الفرد حتي يعم الانضباط في كل مكان وعلي جميع الاصعدة ، ولاينبضبط الفرد مع نفسه الا اذا التزم بشرع الله في كل شئ ، ففي هذه الحاله بنضبط الفرد والاسرة والمجتمع ولذلك سيدنا داوود عليه السلام اهتم بأنضباط الوقت والاجتماع مع طائر الهدهد فلما تأخر الهدهد علي الاجتماع الذي كان يعلم به غضب سيدنا سليمان غضبا شديدا لعدم انضباطه بالميعاد وحضور الاجتماع فنظر في الاحتماع سيدنا داود فلم يري الهدهد وهذا من حكمة الراعي وقوة اهتمامه بالحاضرين (*وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ*” (20)
ثم ذكر نموذجا آخر من مخاطبته للطير فقال: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ دل هذا على كمال عزمه وحزمه وحسن تنظيمه لجنوده وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار، حتى إنه لم يهمل هذا الأمر وهو تفقد الطيور والنظر: هل هي موجودة كلها أم مفقود منها شيء؟ وهذا هو المعنى للآية. ولم يصنع شيئا من قال: إنه تفقد الطير لينظر أين الهدهد منها ليدله على بعد الماء وقربه، كما زعموا عن الهدهد أنه يبصر الماء تحت الأرض الكثيفة، فإن هذا القول لا يدل عليه دليل بل الدليل العقلي واللفظي دال على بطلانه، أما العقلي فإنه قد عرف بالعادة والتجارب والمشاهدات أن هذه الحيوانات كلها، ليس منها شيء يبصر هذا البصر الخارق للعادة، ينظر الماء تحت الأرض الكثيفة، ولو كان كذلك لذكره الله لأنه من أكبر الآيات.وأما الدليل اللفظي فلو أريد هذا المعنى لقال: ” وطلب الهدهد لينظر له الماء فلما فقده قال ما قال ” أو ” فتش عن الهدهد “أو: ” بحث عنه “ونحو ذلك من العبارات، وإنما تفقد الطير لينظر الحاضر منها والغائب ولزومها للمراكز والمواضع التي عينها لها. وأيضا فإن سليمان عليه السلام لا يحتاج ولا يضطر إلى الماء بحيث يحتاج لهندسة الهدهد، فإن عنده من الشياطين والعفاريت ما يحفرون له الماء، ولو بلغ في العمق ما بلغ. وسخر الله له الريح غدوها شهر ورواحها شهر، فكيف -مع ذلك- يحتاج إلى الهدهد؟”وهذه التفاسير التي توجد وتشتهر بها أقوال لا يعرف غيرها، تنقل هذه الأقوال عن بني إسرائيل مجردة ويغفل الناقل عن مناقضتها للمعاني الصحيحة وتطبيقها على الأقوال، ثم لا تزال تتناقل وينقلها المتأخر مسلما للمتقدم حتى يظن أنها الحق، فيقع من الأقوال الردية في التفاسير ما يقع، واللبيب الفطن يعرف أن هذا القرآن الكريم العربي المبين الذي خاطب الله به الخلق كلهم عالمهم وجاهلهم وأمرهم بالتفكر في معانيه، وتطبيقها على ألفاظه العربية المعروفة المعاني التي لا تجهلها العرب العرباء، وإذا وجد أقوالا منقولة عن غير رسول الله ﷺ ردها إلى هذا الأصل، فإن وافقته قبلها لكون اللفظ دالا عليها، وإن خالفته لفظا ومعنى أو لفظا أو معنى ردها وجزم ببطلانها، لأن عنده أصلا معلوما مناقضا لها وهو ما يعرفه من معنى الكلام ودلالته.والشاهد أن تفقد سليمان عليه السلام للطير، وفقده الهدهد يدل على كمال حزمه وتدبيره للملك بنفسه وكمال فطنته حتى فقد هذا الطائر الصغير فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ أي: هل عدم رؤيتي إياه لقلة فطنتي به لكونه خفيا بين هذه الأمم الكثيرة؟ أم على بابها بأن كان غائبا من غير إذني ولا أمري؟.
وصل امر الانضباط ولو مع طائر لان في الانباط نجاح في كل شئ ، وعدم الانضباط هو الذي دمر الأمة وجعلها امة للاسف ممزقه اشلاء ومدمرة في كل شى ، تري الموظفين في جميع المصالح الحكومية والخاصة فشل في الانضباط قس علي ذالك جميع الموظفين في جميع التخصصات الا من رحم ربي وقليل ماهم ! ومن شده انضباط سيدنا سليمان حكم علي الهدهد بعقاب قوي وشديد لدرجه القتل !
(*﴿ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ*﴾
[ سورة النمل: 21]
فحينئذ تغيظ عليه وتوعده فقال: لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا دون القتل، أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ – أي: حجة واضحة على تخلفه، وهذا من كمال ورعه وإنصافه أنه لم يقسم على مجرد عقوبته بالعذاب أو القتل لأن ذلك لا يكون إلا من ذنب، وغيبته قد تحتمل أنها لعذر واضح فلذلك استثناه لورعه وفطنته.
فينبغي ان يتعلم الراعي والرعية من سيدنا سليمان والهدهد في اهتمام سيدنا سليمان بالانضباط في الموعد والتعلم من الهدهد الاهتمام بعبادة الله في التوحيد والعقيدة واللاهتمام بأمور الدين والغضب من البشر الذين هم علي دين الكفر الذين يسجدون لغير الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ، وايضا لو تألمنا الانضباط في سورة النور انه يعالج سلوكيات الناس ويطهر المجتمع ، تعالج موضوعًا معقدًا هو الانضباطُ في العلاقات الاجتماعية والإدارية، والانقياد للشريعة من خلالها، وقد بدأت السورة في علاجها للموضوع بمدخل يعالج نهاية الانحراف الفعلي في الموضوع الذي أرادت أن تجعله صدرَ المواضيع التي تعالج، ثم ثنَّت بعلاجات ما دونه من إشكالات، ثم ثلثَّت بطرق الوقاية، ثم دخلت إلى مواضيع عامة تشير إلى عظمة الله ورقابته وعلمه وسَعته، وعلاقته بعباده الطيبين والخبثاء، ثم جاءت إلى موضوع الطاعة والانقياد للشريعة في سياق آخرَ مشابه، ثم رجعت للموضوع الاجتماعي، ثم ختمت بالطاعة المطلقة والانقياد الكلي للرسول صلى الله عليه وسلم، بدأت السورة علاج قضية الإفك بالحديث عن مرتكب الفاحشة، وعقوبته، وعدم الرأفة به في تلك العقوبة رجلًا كان أو امرأة، وحتى لا تأخذ أحدًا رأفة بأحد في هذا الحد العظيم، قدمت الزانية على الزاني، ثم ربطت تنفيذ الحد بأصل الإيمان.
وبيَّنت أن ممارسة الفاحشة غير مقبولٍ في المجتمع المسلم، وأنه لا يمكن أن يندمجَ بشكل طبيعي مع المسلمين، ولا أن يكون بينهم مجاهرًا معترفًا بممارسته للفاحشة: ﴿ *الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ* ﴾ [النور: 3].
ثم دخلت السورة إلى طرق إثبات هذه الفاحشة، وقدَّمت له بخطورة الاتهام بالزنا من غير بينة، وعقوبة من يتهمون المؤمنين بهذه الفاحشة الخطيرة: ﴿ *وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* ﴾ [النور: 4
ثم أوجدت حلًّا للزوج الذي يتهم زوجه بدون بيِّنة، ولا شهادة من غيره، فأوجدت له ولزوجه حلًّا يضمن له سلامة فراشه وظهره، ويضمن لزوجه سلامة عرضِها من أي اتهام غير صادق يوجَّه إليها.
ولأن القرآن يفتح التوبة للعصاة والمذنبين مهما كانت خطورة ذنوبهم، فقد فتح القرآن الفرصة أمام العصاة للتوبة من هذه الأمور في عدة مواقف منها الصريح ومنها الضمني، فمن الصريح: ﴿ *وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* ﴾ [النور: 31].
ومن مظاهر الانبضباط ، مايسمي بالانضباط الزاتي ، واعطانا رسول الانسانيه صلي الله عليه وسلم افضل دواء شافي للانضباط الزاتي ، حينما جاء له رجل وقال يارسول الله اوصني واوجز ، رجل يريد وصية موجزه ونافعه وفي نفس الوقت قصيرة ليقدر ينفذها ولا ينساها ، ففي الحديث الذي رواه ابو هريرة رضي الله عنه :
(*أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ*)صحيح البخاري،
هذه وصيه وقائيه من قاموس الطب الوقائي من الصيدلية المحمدية لمعلم ليعلم البشريه جمعاء اعلي درجات الانضباط النفسي والزاتي الذي يجعل من المجتمع منارة حضاريه علمية للقضاء علي جميع السلوكيات السيئه،
التحكم في الانفعالات والقدرة على السيطرة على أي رغبات سلبية في النفس يجعل الإنسان متوازن وقادرًا على أن يُحكِّم عقله أولًا في كل موقف يتعرض إليه للوصول إلى رأي رشيد وحكيم والقدرة على حل أي مشكلة بسهولة ويسر دون الاندفاع الطائش الذي دائمًا ما يُخلف الندم والضرر .
-يجعل الفرد قادرًا على التفكير المنطقي طوال الوقت ؛ حيث أنه يوجد ثلاثة أنواع من الناس ، الأول هم الأشخاص الذين يُفكرون بالفعل ، والثاني هم الأشخاص الذين يعتقدون خطئًا أنهم يُفكرون ، والنوع الثالث هم الذين يمقتون التفكير ، ولا يتمكن من التفكير الصحيح إلا الشخص القادر على تحقيق الانضباط الذاتي .
-الانضباط الذاتي يُساعد الإنسان على أن يكون ذو أهداف مُحددة في حياته ، حيث أن الإنسان الذي يتسم بالتوازن النفسي والتوازن في التفكير هو الذي يكون قادرًا على وضع الهدف الذي يثق من قدرته على تحقيقه ويبدأ على الفور في وضع الية تنفيذه ، في حين أن فقدان الانضباط الذاتي قد يجعل الإنسان دون هدف ، وقد يجعله يضع أهداف خيالية لا يوجد أي علاقة بينها وبين الواقع .
-عندما تكون ذو اتزان نفسي وقدرة على التفكير والتخطيط من المؤكد أنك سوف تلتزم بإدارة وقتك بطريقة صحيحة ، فكم من الأشخاص يتركون الوقت يذهب هباءًا دون وضع خطة عمل واضحة وهو ما يجعل وقته يضيع دون أدنى فائدة وهذا مُحال أن يحدث مع شخص ذو اتزان ذاتي .
-القدرة على تنفيذ مفهوم الانضباط الذاتي بشكل صحيح يجعل الإنسان قادرًا على أن يتحكم في شهواته وفي عاطفته ، وعلى سبيل المثال : عند رؤية أي شخص لطعام يُحبه ؛ من المؤكد أنه سوف يلتهمه بكميات كبيرة قد تضر بصحته أما الانضباط الذاتي فهو يجعل الإنسان قادرًا على قمع وكبح هذه الرغبة بقوة .
-العمل الجاد المُتقن والرغبة في تعلم كل ما هو جديد باستمرار من أهم صفات الشخص المنضبط ذاتيًا لأنه يتخلص من العشوائية في حياته ويقوده عقله دائمًا إلى تحقيق الإنجازات والنجاحات الهامة في حياته والتي تقوده في نهاية الأمر إلى تحقيق أهدافه .
-الشخص المنضبط ذاتيًا ونفسيًا تكون فرصة تعرضه إلى الأمراض النفسية والاكتئاب أقل ؛ فكم من شخص أدت الصدمات العاطفية والحوادث النفسية التي قد تعرض إليها في حياته إلى الاضطرابات النفسية الخطيرة التي قد أدت في الكثير من الأوقات إلى حدوث حالات انتحار والفشل في الحياة وغيرها من الإخفاقات الكبيرة نتيجة عدم وجود قدرًا كافيًا من الانضباط الذاتي