الحمدلله نحمدة ونستعينه ونستغفرة ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنّ لا اله الاالله وحدة لاشريك له ، وأشهد أنّ محمد رسول الله. إنّ أساليب علاقة الاِنسان بخالقه تعالى تتسع باتساع الحياة وطرق التعامل معها في شؤونها المختلفة ، وليست هي موقوفة على اسلوب واحد أو نمط واحد ، قال تعالى فى سورة الانشقاق آية 6 :” ياأَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ” وتلك هي العبادة في مفهومها الواسع الذي لاتخرج عن إطاره صغيرة ولا كبيرة في طريق الكدح الاِنساني الطويل. وهكذا تكون حياة الاِنسان عامرة بالعبادة فهو على صلة بالله تعالى لا تنقطع. العبادات الخاصة من أسباب القرب إلى الله تعالى ونيل رضاه ، فالحج والصيام هجرتان إلى الله تعالى في لونين مختلفين ، تعيش الروح مع كلِّ منهما نمطاً من أنماط التكامل والسمو، وفى الصلاة وقوف وامتثال وخضوع في أشكال شتى وأذكار متعددة تنتقل خلالها الروح من روض إلى روض، ومن فناء إلى فناء ، وفي أثناء هذه الرياضة الروحية المثلى يستشعرالاِنسان قربه الحقيقي من بارئه حين يضع جبهته على التراب ، ساجداً خاضعاً مسبّحاً بحمد ربّه الاَعلى الذي سبّح له كلّ شيء. والصلاة هي العبادة التي يمتثل بها العبد أمام خالقه واهب الحياة ، وهي التي تطهّر روحه ، وتصدّه عن الفحشاء والمنكر، وتهديه إلى سواء السبيل ، قال تعالى إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وأفضل أجزاء الصلاة وأهمها هو السجود لله سبحانه وتعالى ؛ لاَنّه يمثّل منتهى مظاهر العبودية والتذلّل والتعظيم لله جلَّ وعلا. وقد ورد في القرآن الكريم ما يشير إلى نوعين من السجود: – سجود إختيار ، وهو خاص بالانسان وبه يستحق الثواب نحو قوله تعالى: سورة النجم آية 62 :” فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا “ – سجود تسخير ، وهو للاِنسان والحيوان والنبات والجماد وعلى ذلك قوله تعالى: سورة الرعد آية 15 “ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا” – أهمية السجود بين أجزاء الصلاة :1- القيام في الصلاة: ويراد به المثول بين يدي مالك الملك، إعلاناً للطاعة والولاء ،ويزيد في جلال القيام وهيبته ما وجب فيه من تلاوة بعض سور القرآن الكريم. 2- الركوع في الصلاة : وهو صورة أُخرى من صور الامتثال والخضوع ، ولا شك أنه يحمل من معاني الخضوع فوق ما يحمله القيام ، يأتي الذكر الذي يصحبها متوّجاً معنى التعظيم ومركّزاً مغزاه في قلب الراكع: “سبحان ربي العظيم وبحمده” 3- السجود في الصلاة: وهو موضع الدعاء وطلب الحاجات ، ولاَهمية السجود جعله الله تعالى واحداً من العلامات التي تميز عباده المخلصين، قال تعالى سورة الفتح من الآية 29 :” سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ”ومما يؤكد اهتمام الإسلام المتزايد بالسجود هو تسمية المصلى ـ وهو موضع اقامة الصلاة ـ مسجداً. قال الرسول (ص) : “ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” صحيح مسلم وهذا موافق لقوله تعالى : “وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ “ العلق آية 19 . قال النبى (ص) :” أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة – وأشار بيدة على أنفه – واليدين ، والركبتين، وأطراف القدمين ، ولا نكفت الثياب والشعر” أخرج البخارى ومسلم – معنى نكفت الثياب في الصلاة: أي نضمها ونجمعها من الإنتشار يريد جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود لأن ذلك يشغله عن التفرغ لذكر اللَّه في الصلاة ، أما الشعرأذا كان طويلأ فإنه يصعب عليه جدا أن يعقصه ويكفته في الصلاة فيقوم به قبل الصلاة حتى لاينشغل به في الصلاة. عن عائشة رضى الله عنها : كان النبى (ص) يقول في ركوعه وسجوده : “ سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، لا إله إلا أنت ، اللهم اغفر لى” . ومن حديث مسلم عن على رضى الله عنه إذا سجد الرسول (ص) قال: “ اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت ، سجد وجهى للذى خلقه وصوره وشق سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين”. مدح الله تعالى الساجدين في أكثر من موضع ، فالسجود بطبيعته خضوع لله تعالى، لذا فإنّه يستوجب الزهد بكلِّ شيء من أجله تعالى ، والاقبال على ما يوفّر رضاه ومحبته ، قال تعالى: سورة الفتح 29 “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ “ وقيل: المراد أثر التراب في جباههم لاَنهم كانوا يسجدون على التراب. – هناك أنواع للسجود مثل : سجود الصلاة ، سجود السهو إذا تكلّم في الصلاة ناسياً (سهوا) أو إذا ترك سجدة واحدة ولم يتذكر حتى يركع أو يتشهّد ويسلّم ، سجود التلاوة ، وهو سجود واجب يجب على المستمع لها أينما كان أن يسجد إذا لم يكن في حال الصلاة. سجود الشكر ، لا يشترط في أداء سجود الشكر شرط ، فيصح كيفما أتى به الساجد الشاكر، ولكن الاَفضل أن يكون السجود على الاَرض ، ومن الاَوقات التي يتأكد فيها استحباب سجود الشكر، هو عقيب الصلاة المكتوبة. وقد اتفق الفقهاء على كراهة قراءة القرآن فى الركوع والسجود ، كما ورد فى الحديث ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله (ص) قال: “ ألا وأن نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء” – رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، رب اوزعنى ان اشكر نعمتك التى انعمت على وعلى والدى وان اعمل صالحا ترضاه وادخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين ، اللّهم ارزُقنا فأَنتَ خَيرُ الرَّازِقين اللهم توفنا مع الأبرار وأدخلنا الفردوس الأعلى بغير حساب ولا سابقة عذاب ، اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ ، انَّكَ يا مَولانا سَميعٌ قَريبٌ مُجيبُ الدَّعَوات وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ . اللهم آمين – وإلى اللقاء
إعداد أم تامر المصرى