ألغى المجلس الأعلى للدولة في ليبيا جلسة كانت مقررة اليوم الأحد للتصويت على تعديل دستوري تمهيدا لتنظيم انتخابات في البلاد، وفي حين قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة إن حكومته تسعى إلى إجراء الانتخابات اتهمه رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بمحاولة إفشال المسار الدستوري.
وبينما لم تصدر من المجلس إفادة بشأن مصير الجلسة حتى الساعة قال عضو في المجلس -طلب عدم نشر اسمه- للأناضول إن النصاب لم يتحقق في جلسة اليوم التي كان سيتم فيها التصويت على التعديل الدستوري.
ولم تكن لدى المصدر معلومة دقيقة بشأن عدد من حضروا الجلسة، لكن النصاب المطلوب لعقدها هو نصف العدد الإجمالي زائد واحد، أي 101 نائب.
وأضاف المصدر أنه تم إلغاء الجلسة ولم يتم تحديد موعد آخر لعقدها في ظل انقسام داخل المجلس بين مؤيد ومعارض لإقدام مجلس النواب على تعديل الإعلان الدستوري من دون التنسيق مع المجلس الأعلى.
والإعلان الدستوري هو دستور مؤقت وضع بعد الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).
وفي بيان مشترك اليوم الأحد أعلن 54 عضوا (من أصل 200) في المجلس الأعلى رفضهم التعديل الدستوري الذي أجراه مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية في “خطوة أحادية استباقية تنتهك التفاهمات الجارية وبعيدا عن متطلبات المرحلة التوافقية”، وفق البيان.
وأكد الأعضاء الموقعون على البيان أن التعديل الدستوري لن يكتسب أي مشروعية دستورية لعدم إقراره من قبل المجلس الأعلى للدولة.
وأوضحوا أن لديهم اعتراضات على التعديل، منها عدم إدراج شروط ترشيح الرئيس، ومنح الرئيس صلاحيات واسعة، وعدم إلزام مجلس الأمة المنتخب (مستقبلا) بإنجاز الاستحقاق الدستوري (صياغة دستور جديد) خلال فترة زمنية محددة.
من جانبه، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إن القاعدة الدستورية التي أقرها مجلس النواب وأحالها إلى مجلس الدولة لاعتمادها توفر الحد الأدنى من الضمانات لجميع الأطراف السياسية.
واتهم المشري رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بمحاولة إفشال المسار الدستوري بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، على حد قوله.
وتابع “مجلس الدولة هو الذي طالب بالذهاب إلى تعديل دستوري يعالج ملف الانتخابات، والمجلس سبق أن صوّت على هذا التعديل، وهو لا يمس الأساس الدستوري كاملا ويعتبر تحصينا للانتخابات القادمة من أي طعن دستوري”.
وفي فترة سابقة، سادت خلافات بين المجلسين بشأن أحقية العسكريين ومزدوجي الجنسية في الترشح للانتخابات الرئاسية.
وفي السابع من فبراير/شباط الجاري أقر مجلس النواب التعديل الـ13 للإعلان الدستوري ليصبح “قاعدة دستورية” تُجرى بموجبها انتخابات برلمانية ورئاسية.
والخميس الماضي، نشر المجلس التعديل في الجريدة الرسمية، مما يعني دخوله حيز التنفيذ دون انتظار قرار المجلس الأعلى للدولة، حيث أجل الأخير إلى اليوم الأحد جلسة كانت مقررة الخميس الماضي، وذلك بسبب احتجاج معارضين للتعديل الدستوري.
موقف الدبيبة
في المقابل، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة إن جهود المجتمع الدولي للدفع نحو انتخابات تحل أزمة البلاد “تتسق” مع مطالب حكومته، معلنا مواصلة تقديم الخدمات لكل أبناء الشعب الليبي والمحافظة على السلام وإنجاز الانتخابات.
وأضاف الدبيبة في تصريح نشر على صفحة الحكومة في فيسبوك “أحيي كل الجهود التي يبذلها أصدقاء ليبيا والبعثة الأممية من أجل الدفع لإنجاز الانتخابات الوطنية النزيهة والعادلة”.
ويأتي هذا التصريح عقب إعلان رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا عبد الله باتيلي الخميس الماضي اتفاقه مع المجتمع الدولي على الدفع نحو أن يكون 2023 عاما للانتخابات الليبية.
وجاء إعلان باتيلي عقب اجتماعه في الولايات المتحدة مع مسؤولين رفيعي المستوى من مصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وقطر وتركيا والإمارات وبريطانيا.
وقبل مغادرته الولايات المتحدة أجرى باتيلي في 20 فبراير/شباط الجاري سلسلة مشاورات مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وقائد قوات الشرق خليفة حفتر ووفد عن حكومة الوحدة.
وتعيش ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومة عينها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا وحكومة الدبيبة المعترف بها أمميا، والذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
ولحل الأزمة أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات، لكن أعمالها انتهت دون تحقيق ذلك.
المصدر : الجزيرة + وكالات