سيفقد صالح العمودي وظيفته في أمازون عندما يغلق مستودع الشركة في حي لاشين في مونتريال يوم 15 مارس/آذار المقبل.
ويمكن اعتباره من ’’المحظوظين‘‘ لأنّه سيكون من بين آخر عمال العملاق الأمريكي للتجارة الالكترونية الذين سيصبحون بدون عمل بعد إغلاق المستودع الذي يعمل فيه، وهو أحد سبعة مستودعات تقع في مقاطعة كيبيك سيتمّ غلقها تدريجيا ابتداءَ من 8 فبراير/شباط المقبل.
وستسرّح أمازون حوالي 2.000 عامل من بينهم 358 عاملاً في المستودع الذي يعمل فيه صالح العمودي، وهو من مواليد اليمن ويقيم في كندا منذ 2018.
وحسب وزارة العمل في كيبيك، سيؤدي هذا القرار إلى تسريح غير مباشر لما لا يقلّ عن 1.500 عامل توظّفهم شركات متعاقدة مع أمازون.
وكانت الشركة قد أعلنت الاسبوع الماضي عن قرار غلق كلّ مستودعاتها في المقاطعة (نافذة جديدة). وقالت أمازون إنّ ذلك يتيح توفير ’’المزيد من المدّخرات لعملائنا على المدى الطويل‘‘. ونفت أن يكون ذلك مرتبطاً بإنشاء نقابة في أحد المستودعات في مدينة لافال.
وفي حوار مع راديو كندا الدولي، أوضح صالح العمودي الحاصل على شهادة البكالوريوس في المحاسبة خارج كندا أنّه لاحظ في الأشهر الأخيرة زيارات متكررة لمسؤولين في أمازون لمستودع لاشين. وراودته الشكوك في أنّ هناك أمرا ’’يحاك ضدّنا.‘‘
ثمّ جاء خبر الإغلاق.
خبرُ إغلاق المستودع كان جدّ مفاجئ لأغلب الموظفين لأنّنا لم نكن نتخيّل أن شركة ضخمة [مثل أمازون] تقوم بطردنا بهذا الشكل.

مستودع أمازون في حي لاشين في مونتريال. (الصورة من الأرشيف).
الصورة: Radio-Canada / Charles Contant
وأضاف أن الخبر وقع كالصاعقة على بعض العمال المرتبطين بدفع أقساط قروض عقارية أو للسيارات. ’’ومثلي مثل أصدقائي، صُدمت بخبر الإغلاق خاصة وأنّ الوضع الاقتصادي أصبح صعباً جداً في كندا من حيث غباء المعيشة والإيجار. الحياة أصبحت صعبة.‘‘
وعبّر هذا الأخير عن حزنه لخسارة ’’ أصدقاء وبيئة عمل كنتَ تحسّ فيها بالأمان.‘‘
وسيتمّ صرف إعانات البطالة للعمال المسرّحين لمدّة 14 أسبوع. وباشر صالح العمودي البحث عن عمل. ’’لم أعتمد أبداً على المعونات الحكومية حتى لما كنت في الولايات المتحدة‘‘، كما أكّد.
وفي حوار مع راديو كندا الدولي، قال من جانبه ابراهيم الصحاري، المنظم المجتمعي في مركز العمال المهاجرين (CTI-IWC) الذي يقع مقرّه في مونتريال، إنّ ’’14 أسبوع هي الأحد الأدنى الذي ينصّ عليه القانون لكنّ للأسف هذا لا يشمل العمال الذين لم تتجاوز مدة خدمتهم ثلاثة أشهر أو عمال الشركات المتعاقدة مع أمازون.‘‘
العمل في مستودع أمازون
يقول صالح العمودي إنه حزين لخسارة ’’ أصدقاء وبيئة عمل كنتَ تحسّ فيها بالأمان‘‘، فقد كان من بين العمال الاوائل الذين تمّ توظيفهم في مستودع أمازون عند افتتاحه في يوليو/تموز 2020.
وكان ذلك بعد عامين من وصوله إلى كندا عبر طريق روكسهام آتياً من الولايات المتحدة حيث كان يقيم منذ 2013. وكان ذلك بسبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى بمنع دخول مواطني سبع دول مسلمة منها اليمن.
ورغم أنّه كان مقيماً بصفة قانونية إلا أنّ صالح العمودي غادر الولايات المتحدة متجها مع عائلته الصغيرة إلى كندا ’’بحثاً عن الاستقرار‘‘، كما أكّد.
ابراهيم الصحاري ، منظم مجتمعي في مركز العمال المهاجرين (CTI-IWC).
الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjafer
ويتذكّر هذا الأب أنّه رغم شهادته في المحاسبة إلّا أنه لم يجد عملاً في مجاله خاصة وأنه لم يكن يتكلّم الفرنسية. وتمكّنت زوجته التي تخصصت في تربية الأطفال في الولايات المتحدة من إيجاد وظيفة.
ويقول إنّه كان متحمّسا في البداية للعمل في المستودع. وبعد فترة تابع تدريبا داخليا على قيادة الرافعات الصغيرة. ثمّ حصل على رخصة قيادة الشاحنات الكبيرة على أمل أن يحصل على عمل لنقل الحاويات.
لكنّه لم يتمكّن من الحصول على هذه الوظيفة بسبب عدم تمكّنه من اللغة الفرنسية. ويقول إنّه فضّل البقاء في مستودع أمازون لقربه من بيته.
وبعد أكثر من أربع سنوات ارتفع أجره إلى 23 دولار للساعة. ووفقا لِإبراهيم الصحاري، هذا الأجر غير كاف وعلى أمازون أن ترفعه إلى ما تقدّمه شركات أخرى في كيبيك لعمال المستودعات.
أجور عمال أمازون هي أدنى أجور [قطاع المستودعات] مقارنة بشركات أخرى في كيبيك.
ففي مستودع أمازون، يبلغ أعلى أجر 23 دولاراً للساعة، بينما يصل إلى 33 دولاراً للساعة في مستودع شركة ميترو و35 دولاراً في مستودع مارتن باور.
تأسيس نقابة لِعمال أمازن
يرى بعض الملاحظين أنّ قرار غلق مستودعات أمازون يعود إلى نجاح عمال مستودع لافال في تأسيس فرع نقابي تابع لكونفدرالية النقابات الوطنية (CSN) في مقاطعة كيبيك.
ورغم نفي النقابة لذلك، يقول ابراهيم الصحاري إنّه كان يتوقّع هذا الإغلاق من شركة أمازون التي هي وفقاً له ’’كأي مستثمر رأسمالي لا يفكّر في العمال خاصة وأنّ القوانين في كيبيك جدّ حمائية للعمال أكثر من باقي المقاطعات الكندية والولايات المتحدة وبلدان العالم الثالث كالهند وبنغلاديش.‘‘
ووجود نقابة في أحد المستودعات يعني أنّ المستودعات الأخرى سيكون لها فرعاً آجلا أم عاجلا. ’’ولمّا تكون هذه الفروع تابعة لنقابة قوية مثل كونفدرالية (CSN) يمكنها أن تطالب بتحسين شروط العمل. وتفضّل الشركة الإغلاق للحفاظ على أرباحها ولا تفكّر في العمال.‘‘
وفي بيان، قالت رئيسة كونفدرالية النقابات الوطنية، كارولين سينفيل، إنّ قرار الإغلاق يمثّل ’’صفعة في وجه جميع العمال في كيبيك. منذ بداية حملتنا قبل ثلاث سنوات [لتأسيس نقابة]، بذلت أمازون كل ما في وسعها لمنع موظفيها من تكوين نقابات: حملات تخويف ورسائل مناهضة للنقابات، وفصل مقنع… واليوم، علمنا أن الشركة المتعددة الجنسيات تفضل الانسحاب من كيبيك بدلاً من احترام التزامها بالموافقة على اتفاقية جماعية. وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق.‘‘
ويتذكّر صالح العمودي أنّه لمّا بدأت فكرة تأسيس نقابة تنتشر بين عمال المستودع الذي يعمل فيه، بدأ المسؤولون في أمازون في ’’حملة إعلامية مضادة للنقابات.‘‘