المصدر:
- موقع الإمارات اليوم
هي قصة الضمير عندما يغيب، وعندما تتجلى الأنانية والفجور في سلوك زوجة قدمت علاقتها الآثمة على مصلحة بيتها وأبنائها، وجاهرت بذلك لزوجها متحدية رجولته، ورغم ذلك حاول الزوج ان ينجو بسفينة البيت إلى بر الامان وان يغفر لها ويسامحها، وان يبدأ صفحة جديدة. لكنها لم ترتدع وواصلت التباهي بفجورها فماذا فعل في لحظة غضب ومهانة؟
هذه القضية التي حكمت بها محكمة مصرية مؤخراً، هي قضية في رجل من أسرة فقيرة حضر من صعيد مصر، إلى القاهرة، عمل في ورشة رجل “مسن” ليس له أولاد فكان له بمثابة الأب، وكان هو ابن بار به، لدرجة أن الرجل المُسن كتب له ورشته باسمه، وصعدت روحه لربه بعدها، تزوج هو فتاة فقيرة ثم تفتحت له أبواب الرزق على مصراعيها وأنجب ثلاثة أولاد في مراحل تعليمية مختلفة.
ويروى الرجل قصته بصوت ملىء بالبكاء والحزن، “بصراحة أنا قتلـت مراتـى”، وانتابتـه نوبـة مـن الضـحك الهسـتيرى.. واستطرد “وأنا مبسوط وفرحان إنى قتلتها”، موضحا أسرار وخبايا قصته، قائلا:
قابلت زوجتى وملكت قلبى .. وتربعت على عرش فؤادى.. وكان لابد أن أتوج هذه العلاقة بإتمام نصف دينى.. وتزوجنا عن حـب مـلأ قلبنا على أن نضع يدينا ًمعـا ونقـتحم المسـتقبل وقد امتلأنا ًإصرارا وعزما، ومضى بنا قطار العمر، كانت نعم الزوجة المطيعة التي لاهم لها إلا الاهتمام ببيتها وإسعاد زوجها وأولادها.
شاء القدر أن يقطن شاب إحدى شقق العقـار المواجـه لفيلتـى، وذاع بين أهل الحى أنه طبيب يعمل في المنطقة ويسافر يومياً إلى المستشفى، حتى أن الجميع أعجبوا به وباحاديثه وبأسلوبه المهذب والشيق.
مرضت زوجة الرجل فاستدعى الطبيب، فكانت هذه الزيارة بمثابة الفتيل الذي أشعل النار في بيته، حضر الطبيب إلى المنزل وقام بإجراء الكشـف عـلى الزوجة، وأعطاها العلاج الذى سكن آلامها وطلب منها المداومة عليه لمدة أسبوع، كان يتردد خلاله لمتابعة علاجها، وإعطائها الحقن العلاجية في المواعيد المحددة، حتى كتب لها الشفاء واستعادت عافيتها مرة أخرى.
ويروى الرجل: بعد مرور 3 أشهر تقدم الطبيب لخطبة ابنتى، وتمت الخطوبة في جو رومانسى شاعرى حضره أفراد الأسرة والأقارب والأصحاب، ومرت الأيام وفجأة تبدلت أحاسيس ابنتى .. تغيرت إلى النقيض باتت لا تطيق صورته وتنفر من لقائه وتتأذى لمجرد سماع اسمه، فواجهتها بهذا التحول فقررت أنها أصدرت قراراً لا رجعة فيه بفسخ هذه الخطبة، وأنها اكتشفت أنه لن يكون الزوج المناسب لها وأنه مخادع وكاذب.
ويواصل: فوجئت بخطاب يصلنى على الورشة وبمجرد أن قرأت سطوره حتى أصبت بدوار من هول كلماته، وتماسكت حتى لا أسقط على الأرض من فرط ما جاء به.. “مراتك يا محترم على علاقة مع عريس ابنتك”.. وقعت عيناى على صورة كانت مع هذا الخطاب لحرمى المصون وهى ترقص مع عريس ابنتى في أحد الأندية الليلية.
بدأت أتحسس الأمر.. وعلمت من الحى أن حكايتها وسيرتها السيئة على لسان الجيران.. ومما زادنى ألماً أنى آخر من يعلم بهذه العلاقة.
حاول الرجل إخفاء معالم تلك الجريمة التي صنعتها زوجته والسير بمركب الزوجية حرصاً على أطفاله، وانتقل للعيش بإحدى الشقق السكنية بالهرم، خوفاً من حديث الناس والأقاويل التي طالت أسرته دون أن يفصح لزوجته عن علمه بخيانتها، وفى بداية العام استقر الرجل على بدء حياة جديدة مع زوجته ونسيان ما مضى، فأحضر “تورتة” وذهب لزوجته املاً في أن يبدأ حياة جديدة، إلا أنها كانت الصدمة الثانية عثر على الدبلة الخاصة بزوجته منقوش عليها اسم الطبيب وليس اسمه، واجه الزوج اخيراً زوجته بالخيانة، لترد ببرود ممزوج بالفجور “نعم أحبه.. لقد سكن قلبى واحتله كاملاً فما عاد مكان لغيره.. وجدت معه أنوثتى التي افتقدتها طيلة السنوات الماضية.. سمعت منه أحلى وأعذب الكلمات.. وبصراحة لا أطيق البعد عنه ولو للحظة واحدة”.
ويروى الرجل: “لحظتها لم أشعر بنفسى فقـدت وعـى.. لم أدر مـاذا أفعـل ولم أتمالـك نفسى وأنا أمسك بالسكين التى كنت أحضرتها من المطبخ لتقطيع «التورتـة»، فغرستها فى قلبها.. ذلك القلب الذى لم ّتهزه عشرة السـنين ولم تحركه غريزة الأمومة، وانطلق عابساً تاركاً كل هذه القيم ً بحثا وراء لذة آثمة، ولم أتركها سوى جثة هامدة وسط بركة من الدماء وأغلقت عليها الباب”.
تحريات المباحث أكدت خيانة الزوجة والعلاقة الآثمة التي ربطتها بالطبيب وكان آنذاك خطيب ابنتها، أحيل الرجل جراء ذلك إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد، وفى تلك الأثناء نودي على المتهم، وبسؤال رئيس المحكمة له، أصرعلي الاعتراف وأنه قتلها عندما فاجأته، وأعلنت له في وقاحة وبلا استحياء أنها على علاقة آثمة بالطبيب.
وفي المرافعة جاء دور المحامي والفقيه الدستوري بهاء أبو شقه، الذي استهل الدفاع مرافعته قائلاً: «إن خير موارد العدل القياس على النفس»، وطرح سؤالاً يفرض نفسه في منطق الدليل في هذه القضية هو: «لو آياً منا ساقه قدره الأليم وحظه العاثر في أن يعيش فصول هذه المأساة التي عاشها المتهم.. فماذا هو فاعل؟».
“إن المجني عليه الحقيقي وبحق في الدعوي الماثلة هو هذا الزوج المسكين الذي تلقي طعنه غادرة في شرفه.. وكيانه.. في عرضه أمام نفسه.. أمام جيرانه.. أمام أولاده.. أمام الحي الذي عاش فيه.. كانت كفيله بأن تجهز عليه .. تحطمه .. تقضي عليه قضاء مبرماً”.
لم يتسرع الزوج بالقصاص منها أو من الطبيب رغم وجود الدليل الدامغ معه علي خيانتها بعد أن تلقي خطاباً يفضح هذه العلاقة، وبعد أن أصبحت سيرتها وفضيحتها علي كل لسان في الحي.. كان بوسعه أن يهدم المعبد على من فيه ويدفن الجميع تحت أنقاضه، ولكنه آثر أن يحافظ على هذا الصرح الذي تعب وجد وشقي حتى شيده صدق معسول قولها وأقنع نفسه بتصديق قولها علها تصحح من سلوكها المعوج.. ذكرها بأبنائها الذين يدرسون في الجامعات وأنهم سيتخرجون في الجامعة، وكيف أن سلوكها المعوج سيكون نقطة سوداء في الرداء الأبيض الذي حرص دائما أن يكون ناصعا.. ترك الحى الذي عاش فيه والفيلا التي بناها بعرقه واستأجر شقة بمكان بعيد كي يبتعد بها أو يبعدها عن هذا الطبيب.. ولكنها لم ترتدع اصمت أذنيها واغلقت فكرها وداست علي ضميرها وابتعدت عن النصيحة واختارت طريق إبليس- حسب المرافعة.
من هول ما كشفت عنه التحقيقات أنه لم يكن طبيبا.. كان أفاقا.. يبتز أموالها.. وكانت تعلم ذلك جيداً وأدخلته البيت ليخطب ابنتها وهي تعلم جيداً ليكون إلي جوارها عابثة غير عابئة حتى بعد أن تأكدت ابنتها من خيانتها .. لم تفق من غفلتها ولا أنانيتها.. لم تتحرك أمومتها وهي تري أبنتها تتعذب.. تترك البيت حتى لا تري الخيانة في عيون أمها ليلاً ونهاراً .. ووصلت بها البجاحة والتدني منتهاها عندما فاجأت الزوج معترفة بخيانتها- طبقا للمرافعة.
من جانبها حكمت المحكمة: «بحبس المتهم سنة مع الإيقاف عن تهمة قتل زوجته كان قد قضاها في الحبس الاحتياطي وأوردت في أسباب حكمها أنها طبقت عليه المادة 237 من قانون العقوبات وقاست حالته على حالة التلبس باعتبار أن القياس جائز في المسائل الجنائية إذا كان لمصلحة المتهم