You are currently viewing من جنيه إلى 18.. تاريخ “تعويم” العملة المصرية

من جنيه إلى 18.. تاريخ “تعويم” العملة المصرية

الحرة – واشنطن

الجنيه المصري واجه أزمات

| Source: Courtesy Image

خفضت مصر قيمة عملتها أكثر من مرة في تاريخها استجابة لأزمات، أو في محاولة للتوفيق بين العرض والطلب، من أجل تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة احتياطاتها من العملات الأجنبية، لكن هذا التوجه كانت له تداعيات اجتماعية.

وتعويم العملة أو “تحريرها” سياسة نقدية تتمثل في ترك قوى السوق والعرض والطلب تحدد قيمة العملة الحقيقية.

من جنيه إلى سبعة جنيهات

تقول صحيفة المصري اليوم إنه في 1977 قرر الرئيس الراحل، أنور السادات، عودة البطاقات الاستيرادية للقطاع الخاص وبدء حقبة الاقتراض من الغرب، لكن مع عدم قدرته على تحرير الموازنة العامة سنة 1977 وعدم استمرار تدفق استثمارات الخليج والضعف الاقتصادي العام، حدثت أزمات للدولار وتحرك الدولار رسميا من 1.25 جنيه إلى حوالى 2.5 جنيه.

وحدثت المرة الثانية للتعويم في 2003 عندما قررت حكومة عاطف عبيد تحرير سعر الصرف من أجل خفض العجز في الميزان التجاري وتحقيق توزان بين العرض والطلب في السوق النقدي بزيادة المعروض من الدولار والعملات الأجنبية الأخرى.

كان سعر الدولار وقتها 3.7 جنيه (370 قرشا) وزاد على إثر التعويم إلى 5 جنيهات و50 قرشا، ثم ارتفع إلى نحو 7 جنيهات، ثم استقر عند 6 جنيهات و20 قرشا في ذلك الوقت.

2016.. انخفاض ضخم في سعر الجنيه

وفي الثالث من نوفمبر 2016، شهدت مصر تعويما جديدا للعملة ليفقد الجنيه نحو نصف قيمته أمام الدولار.

وتخلى البنك المركزي بهذا الإجراء عن ربط عملته بـ 8.8 جنيه مصري لللدولار على أمل إعادة العملات الأجنبية إلى النظام المصرفي الرسمي، بعد أن أدت ندرة الدولار إلى تضخم السوق السوداء.

وجاء هذا التحرك في إطار برنامج إصلاح اقتصادي للحكومة حصلت بموجبه على قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 12 مليار دولار.

وأدى الإجراء إلى انخفاض شديد في قيمة الجنيه بعد القرار مباشرة ليصل إلى نحو 20 جنيها، ثم جرى تداوله عند نحو 17.6 للدولار.

وقالت نيفين أحمد، الأستاذ المساعد في الجامعة الأميركية  بالقاهرة في ذلك الوقت إن “الاحتياطيات الأجنبية تراجعت إلى مستوى حرج بحيث لم يعد بإمكان البنك المركزي الدفاع عن العملة. لم يكن لدينا خيار آخر سوى التعويم”.

لكن تعويم الجنيه تسبب في خفض قيمة الرواتب وتراجع القدرة الشرائية للسكان مع ارتفاع الأسعار في العديد من القطاعات، مثل الكهرباء والغاز والألبان والصلب والبناء.

ومع ذلك، زادت الاحتياطيات الأجنبية وتحسنت مؤشرات التوقعات للاقتصاد وزاد النمو وحققت العملة بعض المكاسب بمرور الوقت لتستقر عند حوالي 15.7 جنيها للدولار.

وبحسب رويترز، زادت قيمة الجنيه أكثر من 11 في المئة في 2019، وارتفع سعره نحو 199 قرشا مقابل الدولار.

وقالت مونيت دوس، محللة الاقتصاد الكلي وقطاع البنوك إن الارتفاع في قيمة الجنيه “يرجع بالأساس إلى قطاع السياحة سريع النمو، وتحول مصر إلى مُصدر صاف للنفط وتدفقات مستدامة على سندات الخزانة المصرية”.

وفي يوليو 2021، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، تقريرا بالمكاسب بعد مرور أكثر من 4 سنوات على تحرير سعر الصرف.

وقالت الهيئة العامة للاستعلامات الحكومية إن العملة تجاوزت تبعات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، وما ولدته من ضغوط على العملات الدولية، وذلك بفضل “الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي نفذتها الدولة على مدار سنوات”.

وكشف التقرير عن أن أداء الجنيه المصري أمام الدولار تحسن خلال الفترة من 30 يونيو 2017 حتى 28 يوليو 2021 بنسبة 13.1 في المئة.

واستطاع الجنيه جني مكاسب أمام الدولار بإجمالي 2.65 جنيه منذ نهاية 2016 حتى 29 يوليو 2021 بواقع 0.03 جنيه في الفترة من 31 ديسمبر 2020 حتى 29 يوليو 2021، و0.31 جنيه في 2020، و1.87 جنيه في 2019، و0.62 جنيه في 2017، بينما تراجع أمام الدولار بمقدار 0.18 جنيه في 2018 .

وأشار التقرير إلى أن هذا الأداء القوي للجنيه انعكس على انخفاض معدل التضخم لـ4.9 في المئة في يونيو 2021 مقارنة بـ 29,8 في المئة في يونيو 2017، ما سمح بخفض سعر الفائدة لـ8.25 في المئة نهاية يونيو 2021، مقارنة بـ16.75 في المئة نهاية يونيو 2017.

“موجة تعويم جديدة”

وفي بداية الشهر الجاري،  أعلن جهاز الإحصاء، ارتفاع معدل التضخم السنوي ليبلغ 10 في المئة لشهر فبراير، مسجلا النسبة الأعلى منذ منتصف عام 2019، ورد هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 20.1 في المئة.

ويوم الاثنين، قرر البنك المركزي زيادة سعر العائد على الإقراض والودائع بنسبة 1 في المئة.

وأوضح في بيان أن الصراع الروسي الأوكراني أدى إلى “ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط على الميزان الخارجي. في ضوء هذه التطورات، قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي”.

وأضاف بأنه “يؤمن بأهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة أداة لامتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر”.

وتفاجأت المصارف المصرية، صباح اليوم، بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار الأميركي بنسبة 17 في المئة تقريبا. وبعد بيان البنك المركزي، تراجع الجنيه 10.67 في المئة، ليصل إلى 17.42-17.52 مقابل الدولار، بحسب بيانات “رفينيتيف” بعدما كان يجري تداوله عند حوالي 15.7 جنيه للدولار منذ نوفمبر 2020.

ثم أظهرت بيانات رفينيتيف بعد ذلك هبوطا ثانيا، بأكثر من 14 في المئة، ليهبط الجنيه إلى 18.17-18.27 مقابل الدولار.

وحددت وزارة المالية المصرية سعر “الدولار الجمركي” (مؤشر تعريفة الجمارك في حال تذبذب أسعار الصرف) بـ 16 جنيها للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج في نهاية الشهر المقبل.

وسعر الدولار الجمركي هو السعر الذي كانت تحدده وزارة المالية للدولار أمام الجنيه بشكل شهري، وتستخدمه في تحديد قيمة السلع التي يتم استيرادها من الخارج وقيمة الرسوم الجمركية المفروضة عليها.

وكانت الوزارة أوقفت العمل به وتركته لأسعار السوق الحر في سبتمبر 2019 نتيجة استقرار العملة المحلية.

وتوقع بعض خبراء الاقتصاد أن تحصل موجة جديدة من تعويم العملة المحلية في مصر “في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأولية والغذاء والانخفاض المحتمل في أعداد السياح الروس”، وفق ما جاء في تقرير لبنك الاستثمار “جي بي مورغان”.

اترك تعليقاً