You are currently viewing صله الرحم

صله الرحم

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا الله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد رسول الله. تُعَدّ صلة الرحم من أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله -عزّ وجلّ- وهي تُعدّ من الأمور الواجبة على كلّ مسلم ، كما أنّها تحقّ له ، وذلك بأن يصل رحمه. لا يُوجَد أيّ خِلاف في وجوب صِلة الرحم على المسلم ، وذلك لورود عددٍ من الأدلّة الواردة في القرآن الكريم والسنّة النبويّة ، ومنها قول الله -سبحانه وتعالى-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَـئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّـهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [ سورة محمد: 23-22 ] وقال: (وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).(النساء من الآية 1) أمّا الأدلّة الواردة في السنّة النبويّة ، فمنها قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). وعن عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فمَن وصَلَها وصَلْتُهُ ، ومَن قَطَعَها قَطَعْتُهُ). صلة الرحم لها فضائل جمّةٌ تعود على صاحبها بالنفع في الدنيا والآخرة ، ويُذكَر من تلك الفضائل أنّ صِلة الرحم:- سبب من أسباب دخول الجنة والدليل في ذلك ما رواه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: (أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ ، فَقالَ القَوْمُ: ما له ما له؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ به شيئًا ، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ ، وتَصِلُ الرَّحِمَ”. حيث إنّ المؤمن الحقّ لا يقطع رحمه ويكون حريصاً على صلته. عن أبي هريرة  أن رسول الله ﷺ قال: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). منزلة صِلة الرحم  في ترابط الأفراد ، وتراحمهم ، وتآلفهم. صِلة الرحم لها فضائل عديدةٍ في نفس الواصل ، من الكرم ، والوفاء ، وغيرهما. وكذلك سببٌ من أسباب انتشار المحبة ، والألفة ، والمودة ، والتراحم بين الأقارب ، ممّا يُؤدّي إلى نقاء القلوب تجاه بعضها البعض. تختلف الطرق التي تتحقّق بها صلة الرحم ، فتكون بالمال ، وتقديم المساعدة ، والنُّصرة ، وطلاقة الوجه ،  وإرشادهم مع الحرص على الدعاء لهم بالهداية. رسول الله ﷺ قال: (إنَّ الصَّدقةَ على المسْكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحمِ اثنتانِ صدَقةٌ وصِلةٌ). فالواجب على كل مسلمٍ بِرّ الوالدين وصلة الرحم ، والحذر من العقوق والقطيعة ، عملًا بالأدلة القرآنية والأحاديث النبوية ، يقول الله جل وعلا:” وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” [الإسراء:23] ويقول سبحانه: “وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ” [النساء:36]. يجب الإصلاح بين الأرحام في حال وقوع النِّزاع ، والشِّقاق بينهم ، وبَثّ الطمأنينة ، والسكينة بينهم ، مع الحرص على أداء الحقوق للأطراف جميعها ، وتحقيق المصلحة لها ، قال تعالى: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).[النساء: 114]. تختلف صلة الرحم بحسب درجة القرابة ، فكلّما ازدادت القرابة ، تأكّدت الصلة وزادت شدّتها ، والأرحام هم جميع الأقارب من جهة الأب ، والأم ، وإن بَعُدوا ، كما بيّن ذلك ابن حجر الهيثميّ -رحمه الله- وأضاف إلى ذلك استحباب صِلة الجيران ، والأصدقاء ، والصالحين ، وإكرامهم وبِرّهم ، والإحسان إليهم. كما أنّ على الزوجين الإحسان إلى أقرباء الطرف الآخر، احتراماً للعشرة فيما بين الزوجَين ، وتأكيداً على المَحبّة ، والمودّة بينهما. قال الله سبحانه وتعالى:” وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”(لقمان – 14). اللهم ألف بين قلوبنا ، وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. اللهم أدْخلنا الفردوس الأعْلى بغير حساب ولا سابقة عذاب ، اللهم أصلح أحوال المسلمين وارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ  اللهم آمين – وإلى اللقاء

إعداد أم تامر المصرى

 

 

 

اترك تعليقاً